للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله"، كما قال -تعالى-: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} ١، وهذا واضح بحمد الله، فبطل ما اختلقه الفيلسوف، وتبين به إلحاده في التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} ٢.

[وضع الأسماء الشرعية للمسميات البدعية]

واعلم أن هؤلاء الزنادقة قد طردوا أصلهم هذا حتى في الإيمان، كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتاب الإيمان عن هؤلاء:

إنهم يثبتون لهذه المسميات وجودا مطلقا مجردا عن جميع القيود والصفات، وهذا لا حقيقة له في الخارج، وإنما هو شيء يقدره الإنسان في ذهنه، كما يقدر موجودا لا قديما ولا محدثا، ويقدر إنسانا لا موجودا ولا معدوما، ويقول الماهية من حيث هي لا توصف بوجود ولا عدم، ويقول الماهية من حيث هي هي شيء يقدره الذهن، وذلك موجود في الذهن لا في الخارج، فهكذا الإيمان يقدر إيمانا لا يتصف به مؤمن، بل هو مجرد عن كل قيد، كتقدير إنسان لا يكون موجودا ولا معدوما، بل ما ثم إيمان إلا مع المؤمنين.*

(قلت): وكذلك إله لا يوجد إلا مع مألوه تألهه القلوب بالعبادة، وقد أشرت إلى ما ذكره شيخ الإسلام عن هذه الطائفة كابن سينا ومن سبقه، أخذوا أسماء جاء بها الشرع، ووضعوا لها مسميات مخالفة لمسميات صاحب الشرع، ثم صاروا يتكلمون بتلك الأسماء، فيظن الجاهل أنهم قصدوا بها ما قصده صاحب الشرع، فأخذوا مخ الفلسفة فكسوه ثوب الشريعة، وهذا كلفظ الملك والملكوت والجبروت واللوح المحفوظ، والملك والملكوت والشيطان والحدث والقدم وغير ذلك. وقد ذكرنا من ذلك طرفا في الرد على الاتحادية، لما ذكرنا قول ابن سبعين، وابن عربي، وما يوجد في كلام أبي حامد، وغيره من أصول الفلاسفة


١ سورة الأنبياء آية: ٢٤.
٢ سورة الحشر آية: ٢.
* كتاب "الإيمان" ص ٣١٧. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>