والأخذ منهم، وقبول نصيحتهم ورأيهم كما هو الواقع من الإمام.
فلا يخلو إما أن يكون الصواب مع هذا الرجل، وأما أن يكون مع أعيان المسلمين وأهل الدين الذين لهم لسان صدق ومحبة في الناس {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} ١.
[حل جوائز السلطان]
وأما قوله: إن ابن ثنيان يلقمهم الحرام.
(فالجواب): أن يقال: وهل شاهدت ذلك وعرفت أن ما أعطاهم حرام بعينه، أو رأى ذلك من يوثق بخبره؟ هذا أمر لا يقدر هو ولا غيره أن يثبت ذلك لكنه كما قيل:
يقولون أقوالا ولا يعلمونها ... وإن قيل هاتوا حققوا لم يحققوا
والذي يأخذون منه ومن غيره من الأئمة هو مما أفاء الله على المسلمين المسمى بيت المال أو من الزكاة ونحوها، وهذا لا يقول أحد من العلماء أنه حرام. والذي نص عليه الفقهاء من أهل الحديث وغيرهم أنه يجوز الأخذ لمن يستحقه ما لم يعلم أنه حرام بعينه، ذكره ابن رجب عن الزهري ومكحول، قال: ورخص قوم من السلف في الأكل ممن يعلم في ماله حرام، ما لم يعلم أنه حرام بعينه.
قال: وروي في ذلك آثار كثيرة عن السلف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم أنهم لا يجتنبون الحرام كله.
قال: وروى الحارث عن علي رضي الله عنه أنه قال -في جوائز السلطان-: لا بأس بها، ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام، وقال ابن مسعود: إنما الهناء لكم والوِزر عليهم.
وذكر في المغني أن الحسن البصري أخذ جائزة عمرو بن هبيرة وردها ابن سيرين، فعتب الحسن عليه ذلك. ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: جوائز السلطان