ورد كتاب على العلامة الشّيخ عبد الله بن الشّيخ فيه أسئلة شرعية فأجاب صاحبها بما يأتي:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته. وبعد؛
وصل كتابك تسأل فيه عن ثمان مسائل:
الأولى: رجل ادّعى على غائبٍ وأقام البيّنة بدعواه هل يسمعها الحاكم ويحكم بها أم لا؟ وهل للمسافة تحديد أم لا؟
فنقول: اعلم أنّ للعلماء في هذه المسألة قولين:
أحدهما: أنّه إذا طلب من الحاكم سماع البيّنة والحكم بها فعلى الحاكم إجابته إذا كملت الشّروط. وبه قال ابن شبرمة ومالك والشّافعي وأحمد والأوزاعي واللّيث وأبو عبيدة وإسحاق وابن المنذر. واحتجوا بحديث هند المتّفق عليه أنّها جاءت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقالت: يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطينِي ما يكفينِي وولدي. قال:"خذي ما يكفيك وولد بالمعروف". فقضى عليه ولم يكن حاضرًا.
والثّاني: أنّ الحاكم لا يحكم على الغائب ولا يسمع البيّنة عليه. وبهذا قال شريح وابن أبي ليلى والثّوري وأبو حنيفة، إلّا أنّ أبا حنيفة قال: تسمع البيّنة ولا يحكم بها إلّا أن يكون له وكيل أو شفيع جاز الحكم عليه. واحتجّوا بما روي عن النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال لعلِّي:"إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقتضِ للأوّل حتّى تسع كلام الآخر فإنّك لا تدري بما تقضي". قال التّرمذي: هذا حديث حسن، ولأنّه يجوز أن يكون للغائب ما يبطل البيّنة ويقدح فيها فلم يجز الحكم عليه. وهي