الأمر إنما يدعى له، لا يمدح، لا سيما بما ليس فيه. وهؤلاء الذين يُمدحون في الخطب هم الذين أماتوا الدين، فمادحهم مخطئ، وليس في الولاة اليوم من يستحق المدح، لا يثنى عليه، وإنما يُدعى لهم بالتوفيق، والهداية، والله -سبحانه وتعالى- أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
من جمعان بن ناصر إلى جناب الشيخ المكرم عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) سلمه الله تعالى.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(وبعد): أمتعنا الله بحياتك، المرجو من إحسانك الإفادة عن القدَرية ومذهبهم، وعن المعتزلة ومذهبهم، وعن الخوارج ومذهبهم، أثابك الله الجنة بمَنِّه وكرمه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
(وبعد): فالجواب -وبالله التوفيق-:
[الإيمان بالقدر ومعناه]
قد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان في حديث جبريل بالاعتقاد الباطن فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"١.
والأحاديث في إثبات القدر كثيرة جدا. والقدر الذي يجب الإيمان به على درجتين:
الدرجة الأولى: الإيمان بأن الله سبق في علمه ما يعمله العباد من خير وشر، وطاعة ومعصية، قبل خلقهم وإيجادهم، ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو من أهل النار؛ وأعد لهم الثواب، والعقاب جزاء لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم؛ وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه، وكتابه.
والدرجة الثانية: الإيمان بأن الله خلق أفعال العباد كلها: من الكفر والإيمان، والطاعة والعصيان، وشاءها منهم؛ فهذه الدرجة يثبتها أهل السنة والجماعة،
١ مسلم: الإيمان (٨) , والترمذي: الإيمان (٢٦١٠) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٩٥) , وابن ماجه: المقدمة (٦٣) , وأحمد (١/ ٢٨).