تقييده بالبطلان؛ لأن المنفي في كلمة الإخلاص هي الطواغيت والأصنام وكل ما عبد من دون الله، وكلها باطلة بلا ريب: كما قال لبيد في شعره الذي سمعه منه النبي صلى الله عليه وسلم:
* ألا كل شيء ما خلا الله باطل *
ومن لم يعتقد هذا فليس من الإسلام في شيء، وتقدم في الآيات أن المستثنى في كلمة الإخلاص "بإلا" هو الله الحق كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} ١.
وهذا الرجل قد افترى على اللغة وكذب عليها بقوله المتقدم: أن الإله هو المعبود لا بقيد الحقيقة ولا البطلان، فهو دائما يتناقض، يذكر قولا وينفيه ثم يذكره بعده ويثبته، ثم ينفيه.
ومن وقف على ما كتبته في هذا المعنى عرف ذلك من حاله ومقاله، ومحط رحله هو قول الفلاسفة كابن سينا والفارابي وابن العلقمي القائلين بأن مدلول لا إله إلا الله نفيا وإثباتا فرد هو الوجود المطلق، أو قول الاتحادية أنه الوجود بعينه.
وكلام هذا وعبارته المتقدم منها والآتي يدل على أنه يقول بقولهم، ويحمل معنى كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله" على إلحادهم، يعرف هذا من له فهم واطلاع على ما ذكره العلماء في بيان حقيقة قول هاتين الطائفتين الكفريتين كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم.
[إعراب لا إله إلا الله]
وهذا إعراب كلمة الإخلاص الذي يعرفه أهل العربية وغيرهم من العلماء في إعرابها فيقولون: لا نافية للجنس، واسمها إله، مبني معها على الفتح، منفي بلا، والإله جنس يتناول كل معبود من بشر أو حجر أو شجر أو مدر أو غير ذلك، فهذا الجنس على تعدد أفراده منفي بلا، وخبر لا محذوف على الصحيح كما في الآيات، وتقدم ذكره،