نسائه تصريفه عن أبي بكر، فأبى وغضب، وقال:"أنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس"١. فلما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظرنا في أمورنا، فاخترنا لدنيانا مَنْ رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، وكانت الصلاة أعظم شعائر الإسلام، وقوام الدين، فبايعنا أبا بكر رضي الله عنه فكان لذلك أهلا، لم يختلف عليه منا اثنان -وفي رواية- فأديت إلى أبي بكر حقه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي.
فلما قُبِضَ رضي الله عنه بايعنا عمر، لم يختلف عليه منا اثنان، فأديت له حقه، وغزوت معه، وعرفت طاعته، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي. فلما قبض رضي الله عنه تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي، وأنا أظن أن لا يُعْدَل بي، ولكن خشي أن لا يعمل الخليفة بعده شيئا إلا لحقه في قبره.
فأخرج منها نفسه وولده، ولو كانت محاباة لآثر بها ولده وبرئ منها لرهط أنا أحدهم، فظننت ألا يعدلوا بي، فأخذ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه الله أمرنا، ثم بايع عثمان، فنظرت فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري، فبايعنا عثمان، فأديت له حقه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي.
فلما أصيب فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما بالصلاة قد مضيا، وهذا الذي أخذ له ميثاقي قد أصيب، فبايعني أهل الحرمين وأهل هذين المصرين -الكوفة والبصرة- فوثب فيها من ليس مثلي، ولا قرابته كقرابتي، ولا علمه كعلمى، ولا سابقته كسابقتي، وكنت أحق بها منه، يعني:"معاوية". أخرجه هؤلاء الأئمة.
وأخرجه إسحاق بن راهويه من طرق أخرى، قال الذهبي: وهذه طرق يقوي بعضها بعضا، قال: وأصحها ما رواه إسماعيل بن علية، فذكره وفيه: لما قيل لعلي: أخبرنا عن مسيرك، أعهد عهده إليك النبي صلى الله عليه وسلم أم رأي رأيته؟
١ البخاري: الأذان (٦٦٤) , ومسلم: الصلاة (٤١٨) , والترمذي: المناقب (٣٦٧٢) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٣٢) , وأحمد (٦/ ٣٤ ,٦/ ٩٦ ,٦/ ٢١٠ ,٦/ ٢٢٤ ,٦/ ٢٧٠) , ومالك: النداء للصلاة (٤١٤).