للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الطرق كلها عن علي رضي الله عنه متفقة على نفي النص بإمامته، ووافقه على ذلك علماء أهل بيته.

فقد أخرج أبو نعيم عن المثني بن الحسن السبط، أنه لما قيل له: "من كنت مولاه فعلي مولاه" نص في إمامة علي.

فقال: "أما والله لو أراد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الإمارة والسلطان، لأفصح لهم به؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح الناس، ولقال لهم: يا أيها الناس هذا ولي أمري، والقائم عليكم بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا. ما كان من هذا شيء، فوالله لئن كان الله ورسوله اختارا عليا لهذا الأمر، والقيام به للمسلمين من بعده، ثم ترك علي أمر الله ورسوله أن يقوم به، أو يعذر فيه للمسلمين، إن كان أعظم الناس خطيئة لعلي إذ ترك أمر الله ورسوله، وحاشاه من ذلك"

وكلام علي وأهل بيته في الثناء على أبي بكر وعمر كثير جدا بعد ما أفضت إليه الخلافة، وتواتر عنه أنه قال: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر".

وروى البخاري في صحيحه عن سفيان الثوري عن منذر عن محمد بن الحنفية، قلت لأبي: يا أبت، من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "يا بني، أبو بكر". قلت: ثم من؟ قال: "عمر". فخشيت أن يقول: ثم عثمان. فقلت: ثم أنت؟ فقال: "يا بني، إنما أنا رجل من المسلمين". وصح هذا عنه من وجوه كثيرة، وطرق متغايرة يصدق بعضها بعضا.

قال بعض أهل الحديث: إنه رواه عن أكثر من ثمانين نفسا من خواص أصحابه وأهل بيته. فقد تبين بما ذكرنا بطلان دعوى المعترض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على إمامته. فإذا ادعوا أن هذا مكذوب على أهل البيت، أمكن خصومهم أن يدعوا الكذب فيما رووه عن أهل البيت.

والدلائل الصحيحة التي احتجوا بها على النص على إمامة علي رضي الله عنه كقوله -تعالى-: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ١، وكحديث غدير خم وقوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه" فكل هذا ليس بصريح في


١ سورة المائدة آية: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>