للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: هل ذلك إنشاء للنّذر أو إقرار به؟ صريح في أنّه إذا تصدق بشيء معيّن؟ فقال هذا صدقة أنّه نذر حقيقة.

فإذا علمت ما ذكره علماؤنا -رحمهم الله تعالى- من أحكام الهبّة وقد صرحوا بأنّ الصّدقة نوع من الهبّة لها حكم الهبّة، بل صرحوا باعتبار القبول للصّدقة ولم يخصوا بذلك نوعًا منها، وجعلوا حكم الصّدقة المعيّنة حكم المنذورة ظهر لك حكم مسألة السّؤال -إن شاء الله تعالى-.

وقال الزّركشي بعد حكايته الوجهين: قال ابن حمدان وابن المنجا أنّهما مبيّنان على انتقال الملك إلى الموقوف عليه إن قلنا ينتقل اشترط وإلّا فلا، قال: والظّاهر أنّهما على القول بالانتقال انتهى فظهر بما ذكروه من التّعليل اعتبار القبول في مسألتنا؛ لأنّ المنذور له يملك النّذر ويتصرّف فيه بالبيع وغيره ولا يتعلّق به حق لغيره، فإذا لم يقبله المنذور له جاز للنّاذر التّصرّف فيه، يقوي ذلك أيضًا ما ذكره جماعة من الأصحاب وصرح به في الإقناع والمنتهى أنّ الوقف يرجع إلى الواقف إذا انقطعت الجهّة الموقوف عليها والواقف حيّ فمسألتنا أولى.

وأمّا إذا قبضه المنذور له ثمّ ردّه فعلى ما قررناه حكمه حكم الصّدقة المردودة بعد القبض، قال في الفروع ومن سأل فأعطي فقبضه فسخطه لم يعط لغيره في ظاهر كلام العلماء انتهى، وذكر في الاختيارات ما معناه أنّهما إن تفاسخا عقد الهبّة صحّ والله سبحانه وتعالى أعلم.

(المسألة الثّانية): وهي ما إذا أوصى إنسان بشيء من ماله يحج به لبعض ورثته أو يضحي به عنه، فالّذي يظهر صحة هذه الوصيّة ولزومها في الثّلث بدون إجازة لأنّ الموصى له لا يملكها ولا ينتفع بها، وإنّما يرجو

<<  <  ج: ص:  >  >>