اللّغة العربية، وأيضًا فإنّ نفس اللّغة العربية من الدّين ومعرفتها فرض واجب. فإنّ فهم الكتاب والسّنة فرض ولا يفهم إلّا بفهم اللّغة العربية، وما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب. انتهى المقصود منه.
وقال في شرح الإقناع في أوّل:(كتاب الشّهادات): وإذا تحملها أي الشّهادة الواجبة وجبت كتابتها، ويتأكّد ذلك في حقّ رديء الحفظ؛ لأنّ ما يتم الواجب إلّا به فهو واجب. انتهى المقصود منه.
مسألة*: ما حكم بيع المغروس في الأرض الذي يظهر ورقه كالقت والجزر والفجل والثّوم والبصل وشبه ذلك؟
فالجواب: اعلم أنّ في هذه المسألة قولين للعلماء:
أحدهما: أنّه لا يجوز حتّى يقلع كما هو مذهب الشّافعي ورواية عن أحمد. قالوا: لأنّ هذه أعيان غائبة لم تر.
والثّاني: جواز بيعه وإن لم يقلع. وهذا هو الصّواب؛ لأنّ هذا ليس من الغرر، بل أهل الخبرة يستدلّون بما ظهر من الورق على المغيب في الأرض كما يستدلّون بما يظهر في العقار من ظواهره على بواطنه، وكما يستدلّون بما يظهر من الحيوان على بواطنه، ومن سأل أهل الخبرة أخبروه بذلك، والمرجع في ذلك إليهم. وأيضًا العلم بالمبيع شرط في كلّ شيء بحسبه فما يظهر بعضه وكان في إظهار باطنه مشقّة إذا خرج اكتفى بظاهره كالعقار؛ فإنّه لا يشترط رؤية أساسه ودواخل الحيطان، وكذلك الحيوان وأمثال ذلك. وأيضًا إنّما احتيج إلى بيعه فإنّه يسوغ فيه ما لا يسوغ في غيره، فيبيحه الشّارع للحاجة مع قيام السّبب، كما أرخص في العرايا بخرصها، وأقام الخرص مكان الكيل بجنسه ولم يكن ذلك من المزابنة التي نهي عنها. والله أعلم.
* هذه المسألة والتي تليها هما من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، انظر "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٤٨٧ - ٤٨٩)، وهما أحد "المسائل الماردينية". [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]