للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فصحّ ضَرُورَة بِكُل مَا ذكرنَا أَن الْقَوْم أنزلوه مَنْزِلَته غير غالين فيه، وَلَا مقصرين به رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ، وَأَنَّهُمْ قدمُوا الأحق فَالْأحق وَالْأَفْضَل فَالْأَفْضَل، وساووه بنظرائه مِنْهُم.

"ثمَّ أوضح برهَان وَأبين بَيَان فِي بطلَان أكاذيب الروافض أَن عليا رَضِي الله عَنهُ إذ دعا لنَفسه بعد قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ سارعت طوائف من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار إِلَى بيعَته، فَهَل ذكر أحد من النَّاس قط أن أحدًا مِن الذين بايعوه اعتذر إِلَيْهِ مِمَّا سلف من بيعتهم لأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رضي الله عنهم؟ أَو هَل تَابَ أحد مِنْهُم من جَحده للنَّص على إِمَامَته؟ أَو هل قَالَ أحد مِنْهُم: لقد ذكرت النَّص الَّذِي كنت نسيته فِي أَمر هَذَا الرجل؟ إن عقولاً خَفِي عَلَيْهَا هَذَا الظَّاهِر اللائح لَعقول مخذولة لم يرد الله أَن يهديها.

"ثمَّ مَاتَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَترك الْأَمر شُورَى بَين سِتَّة من الصَّحَابَة رضي الله عنهم عَليّ أحدهم، وَلم يكن فِي تِلْكَ الْأَيَّام الثَّلَاثَة سُلْطَان يخَافه أحد وَلَا رَئِيس يتوقع، وَلَا مَخَافَة من أحد، وَلَا جند معد للتغلب.

"أفَتُرى لَو كَانَ لعَلي رَضِي الله عَنهُ حق ظَاهر يخْتَص بِهِ من نَص عَلَيْهِ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو من فضل بَائِن على من مَعَه ينْفَرد بِهِ عَنْهُم. أما كَانَ الْوَاجِب على عَليّ رضي الله عنه أَن يَقُول: أَيهَا النَّاس كم هَذَا الظُّلم لي؟ وَكم هَذَا الكتمان لحقي؟ وَكم هَذَا الْجحْد لنَصّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَي؟ وَكم هَذَا الْإِعْرَاض عَن فضلي الْبَائِن على هَؤُلَاءِ المقرونين بِي؟ فَإِذا لم يفعل فلَا أدْرِي لماذا؟ أما كَانَ فِي بني هَاشم -على كثرتهم يومئذ- أحد لَهُ دين يَقُول هَذَا الْكَلَام؟ إمّا الْعَبَّاس عَمه -وَجَمِيع الْمسلمين على توقيره وتعظيمه، حَتَّى أَن عمر رضي الله عنه توسل بِهِ إِلَى الله عز وجل بِحَضْرَة المسلمين فِي الاسْتِسْقَاء-، وَإمّا أحد بنيه، وَإمّا عقيل، وَإمّا أحد بني جَعْفَر وبني الحارث أو بني لهب أو مواليهم. فَإِذا لم يكن أحد منهم يَتَّقِي الله عز وَجل وَلَا يَأْخُذهُ فِي قَول

<<  <  ج: ص:  >  >>