وهل يشك فقيه أن الفطر هاهنا أولى من فطر المسافر؟ وقد أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الفتح بالإفطار ليتقووا بذلك على عدوهم فعلل ذلك بالقوة على العدو لا بالسفر. قلت: إذا جاز فطر الحامل، والمرضع لخوفهما على ولديهما، وفطر من يخلص الغريق، ففطر المقاتلين أولى بالجواز، ومن جعل هذا من المصالح المرسلة فقد غلط بل هذا من باب قياس الأولى. انتهى كلام ابن القيم في "البدائع".
وقال في الفروع: وإن أحاط العدو ببلد، والصوم يضعفهم، فهل يجوز الفطر وفاقا لمالك؟ ذكر الخلال روايتين ويعايا بها، قال ابن عقيل: إن حصر العدو بلدا، وقصد المسلمون عدوا بمسافة قريبة لم يجز الفطر والقصر على الأصح.
ونقل حنبل: إذا كانوا بأرض العدو وهم بالقرب، أفطروا عند القتال. انتهى. وقال في الإنصاف: اختار الشيخ تقي الدين الفطر للتقوي على الجهاد، وفعله هو، وأمر به لما نزل العدو دمشق، وقدمه في الفائق، وهو الصواب. انتهى.