للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نراك تفرح بموت العالم ما لا تفرح بموت العابد؟ والعالم لا نصيب منه، والعابد نصيب منه، قال: انطلقوا إلى عابد، فأتوه في عبادته، فقالوا: إنا نريد أن نسألك، فانصرف، فقال إبليس: هل يقدر ربك أن يخلق مثل نفسه؟ فقال: لا أدري، فقال أترونه! لم تنفعه عبادته مع جهله، فسألوا عالما عن ذلك، فقال: هذه المسألة محال لأنه لو كان مثله لم يكن مخلوقا؛ فكونه مخلوقا وهو مثل نفسه مستحيل، فإذا كان مخلوقا لم يكن مثله، بل كان عبدا من عبيده. فقال: أترون هذا! يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين. والله أعلم.

وقال -أيضا-: والذي ذكره السيوطي لفظ لم يأت في الكتاب ولا في السنة، ولا رأينا أحدا من أهل السنة ذكرها في عقائدهم، ولا ريب أن ترك فضول الكلام من حسن الإسلام، وهذه كلمة ما نعلم مراد قائلها: يحتمل أنه أراد بها معنى صحيحا، ويحتمل أن يراد بها باطل، فالواجب اعتقاد ما نطق به القرآن من أن الله على كل شيء قدير، وأنه إذا أراد شيئا قال له: كن، فيكون كما أراد، وأنه ليس كمثله شيء، فلا يكون شيء مثله -سبحانه وتعالى وتقدس-.

وجواب العالم الذي قال: لا يكون المخلوق مثل الخالق جواب صحيح، لأنه الذي غاظ الشيطان، وهو نتيجة العلم، ويدل على أنه لو قال: قادر، أو غير قادر لم يكن جوابا صحيحا. وما ذكرنا من جواب هذا العالم فيه مشابهة لكلام السيوطي من بعض الوجوه.

واعلم أن طريقة أهل السنة أن كل لفظ لا يوجد في الكتاب ولا في السنة، ولا في كلام أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين، لا نفيه ولا إثباته، لا يثبت ولا ينفي إلا بعد الاستفسار عن معناه، فإن وجد معناه ما أثبته الرب لنفسه أثبت، وإن وجد مما نفاه

<<  <  ج: ص:  >  >>