للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أورد، والأحاديث التي ذكر، فكيف يقول هذا الجاهل بكلام الله ورسوله، وكلام أهل العلم: إن المطلق إذا ورد صرف، وخص بالأغلب المألوف المعروف حال الورود.

فيقول لك خصمك: دلائلك هذه التي أوردت محمولة على أهل بيته المعهودين المعروفين في زمانه: كالعباس وأولاده، وجعفر وأولاده، وعقيل وأولاده، وأبي سفيان بن الحارث وأولاده، وأولاد أبي لهب، وعلي وأولاده منهم، ولا يدخل فيهم من بعدهم من الذرية، فما هذا الاعتراض البارد الذي كشف الله به عورتك، وجعلك به ضحكة عند من نظر في كلامك؟ وهذا الوجه كاف في رد كلام هذا المعترض.

(الوجه الثاني): أن يقال قوله عن كثير من العلماء المحققين: "إن المطلق إذا ورد صرف، وخص بالأغلب المألوف المعروف حال الورود، مثل تحريم الميتة في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ١، فإنه ينصرف إلى الأكل خاصة دون الانتفاع، والترطب ... إلخ. فهذا يدل على جهل هذا المعترض بما ذكره علماء الأصول المحققون. فقد قال أبو زرعة أحمد بن الإمام عبد الرحيم بن الحسين العراقي الشافعي في "شرحه على جمع الجوامع" لابن السبكي تقي الدين رحمه الله، وهذا لفظ الماتن والشارح: (العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر) (ش) فهم من تصدير تعريف العام باللفظ أنه من عوارض الألفاظ، والمراد لفظ واحد للاحتراز عن الألفاظ المتعددة الدالة على أشياء متعددة، وخرج بقوله: (يستغرق) المطلق، فإنه لا يدل على شيء من الإفراد أصلا. والنكرة في سياق الإثبات مفردة كانت أو مثناة أو مجموعة أو عددا، فإنها إنما تتناول الإفراد على سبيل البدل. واحترز بقوله: (الصالح له عما لا يصلح، فعدم استغراق "ما" -لمن يعقل- إنما هو لعدم صلاحيتها له، أي: عدم صدقها عليه، لا لكونها غير عامة.

وخرج بقوله: (من غير حصر) أسماء العدد، فإنها متناولة للصالح لها، لكن مع الحصر، وهذا مبني على أنها ليست عامة. وتبعه المصنف هناك، وزاد البيضاوي وغيره في هذا التعريف "بوضع واحد" ليخرج المشترك إذا أريد به معناه،


١ سورة المائدة آية: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>