للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمشهور أن حكمهما واحد عند من يوجب الكفارة، وبعض الفقهاء فرق بين أن يكون جاهلا بالحكم أو جاهلا بالوقت، فأسقط الكفارة عن الجاهل بالوقت، كما لو جامع أول يوم من رمضان يظن أنه من شعبان، أو جامع معتقدا أن الفجر لم يطلع، فبان أنه قد طلع، ومن أسقطها عن الجاهل بالوقت؛ فالناسي مثله وأولى. قال الشيخ تقي الدين: لا قضاء على من جامع جاهلا بالوقت أو ناسيا، ولا كفارة أيضا.

[أقسام القذف]

(وأما المسألة السابعة) وهي مسألة القذف، فالقذف ينقسم إلى صريح وكناية كالطلاق؛ فالصريح ما لا يحتمل غيره نحو: يا زاني يا عاهر، ونحو ذلك. والكناية التعريض بالألفاظ المجملة المحتملة للقذف وغيره، فإن فسر الكناية بالزنى فهو قذف، لأنه أقر بالقذف، وإن فسره بما يحتمله غير القذف قبل مع يمينه، ويعزر تعزيرا يردعه وأمثاله، ونحو ذلك، فمتى وجد منه اللفظ المحتمل للقذف وغيره، ولم يفسره بما يوجب القذف، فإنه يعزر، ولا حد عليه.

[أخذ الأب صداق ابنته]

(وأما المسألة الثامنة): هل للأب أن يأخذ من صداق ابنته أم لا؟ فالمشهور عن أحمد جوازه، وهو قول إسحاق بن راهويه. وقد روي عن مسروق أنه زوج ابنته، واشترط لنفسه عشرة آلاف يجعلها في الحج والمساكين، ثم قال للزوج: جهز امرأتك. وروي ذلك عن علي بن الحسين أيضا، واستدلوا لذلك بما حكى الله عن شعيب {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} ١ وبقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك"٢ وقوله: "إن أولادكم من كسبكم فكلوا من أموالهم"٣

فإذا شرط لنفسه شيئا من الصداق كان آخذا من مال ابنته، وله ذلك.


١ سورة القصص آية: ٢٧.
٢ ابن ماجه: التجارات (٢٢٩١).
٣ الترمذي: الأحكام (١٣٥٨) , والنسائي: البيوع (٤٤٥٠) , وأبو داود: البيوع (٣٥٢٩) , وابن ماجه: التجارات (٢٢٩٠) , وأحمد (٦/ ٤١,٦/ ١٢٧,٦/ ١٦٢,٦/ ١٩٣,٦/ ٢٠١) , والدارمي: البيوع (٢٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>