للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قول الشافعي، وهو اختيار الشيخ تقي الدين، لأنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين"١ وهو حديث صحيح، وهو يخص أحاديث العموم. وأهل هذا القول حملوا أحاديث النهي على ما لا سبب له، وأما ذوات الأسباب كركعتي الطواف، وتحية المسجد، وإعادة الصلاة إذا صلاها في رحله، وإعادة صلاة الفجر إذا صلاها في رحله ثم حضر الجماعة وهم يصلون، ونحو ذلك، فهذا يفعل في أوقات النهي لأدلة دلت على ذلك، وهي تخص عموم النهي، وكما أن الصلاة وقت الخطبة منهي عنها باتفاق العلماء، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر من دخل المسجد والإمام يخطب أن يصلي ركعتين، وليتجوز فيهما.

وهذا نظير قوله في أبي قتادة: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين، فقد نهى عن الجلوس قبل الصلاة، وذلك أمر بالصلاة إذ لم يقل أحد أنه إذا دخل عقيب صلاة العصر يقوم قائما إلى غروب الشمس. ومما يبين رجحان هذا القول أن المانعين من فعل التحية وقت النهي أجازوا ما هو مثلها، فإن مذهب الإمام أحمد أن ركعتي الطواف تفعل في أوقات النهي، وكذلك المعادة مع إمام الحي إذا أقيمت، وهو في المسجد يصليها معهم في وقت النهي.

وكذلك قضاء الفوائت تفعل في وقت النهي، وكذلك صلاة الجنازة تفعل في الوقتين الطويلين من أوقات النهي، هذا مذهب أحمد في هذه المسائل فما كان جوابهم ودليلهم على جوازه، فهو دليل من أجاز تحية المسجد في هذه الأوقات، فإن قوله: صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين"٢ أمر عام لجميع الأوقات فإذا قال منازعوهم: أحاديث النهي تخص


١ البخاري: الجمعة (١١٦٧) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧١٤) , والترمذي: الصلاة (٣١٦) , والنسائي: المساجد (٧٣٠) , وأبو داود: الصلاة (٤٦٧) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠١٣) , وأحمد (٥/ ٢٩٥,٥/ ٣٠٣,٥/ ٣٠٥,٥/ ٣١١) , والدارمي: الصلاة (١٣٩٣).
٢ البخاري: الجمعة (١١٦٧) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧١٤) , والترمذي: الصلاة (٣١٦) , والنسائي: المساجد (٧٣٠) , وأبو داود: الصلاة (٤٦٧) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠١٣) , وأحمد (٥/ ٢٩٥,٥/ ٣٠٣,٥/ ٣٠٥,٥/ ٣١١) , والدارمي: الصلاة (١٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>