الاستدامة. وقال الشافعي: استدامة القبض ليست شرطا، لأنه عقد يعتبر القبض في ابتدائه، فلم يشترط استدامته كالهبة، ولنا قول الله - تعالى-: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ١.
ولأنها أحد حالتي الرهن، فكان القبض فيه شرطا كالابتداء، ويفارق الهبة، فإن القبض في ابتدائها يثبت الملك، فإذا ثبت استغنى عن القبض ثانيا، والرهن يراد للوثيقة ليتمكن من بيعه، واستيفاء الدين من ثمنه، فإذا لم يكن في يده لم يتمكن من بيعه. انتهى.
وذكر في الإنصاف وغيره عن أحمد: أنه إن آجره أو أعاره لغير المرتهن زال لزومه، قال في الإنصاف: نصره القاضي، وقطع به جماعة، واختاره أبو بكر في الخلاف، قال المجد في شرحه: ظاهر كلام أحمد أنه لا يصير مضمونا بحال. انتهى. قال في الإنصاف: فلو استأجره المرتهن عاد اللزوم بمضي المدة، ولو سكنه بأجرته بلا إذنه، فلا رهن، نص عليهما. ونقل ابن منصور: إن كراه بإذن الراهن أو له، فإذا رجع صار رهنا، والكراء للراهن. انتهى.
فظهر بما تقدم أن المشهور في المذهب: أنه إذا أعاره الراهن المرتهن أو غيره، أو آجره للمرتهن أو غيره بإذن المرتهن، أن لزومه باق بحاله.
والقول الثاني: أنه متى خرج من يد المرتهن إلى الراهن أو غيره بإعارة أو إجارة، أو سكن المرتهن الدار بلا إذنه، فإنه يبطل لزومه، وهذا هو الذي ذكره في الإنصاف وغيره، منصوص أحمد، وهو طرد القول الصحيح عندهم، لأنهم ذكروا أنه إذا أعاره المرتهن الراهن أو استأجره زال لزومه، فأي فرق بينه وبين الأجنبي؟ مع أن الإمام أحمد -رحمه الله- نص على أنه إذا أخرجه من يده إلى الراهن أو غيره زال لزومه، كما تقدم في رواية ابن منصور وغيره. والله أعلم.