للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بم شبهت صوت ربك حين كلمك من هذا الخلق؟ قال: شبهت صوته بصوت الرعد حين لا يترجع، وأيضًا في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئا قدمه، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئا قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار، ولو بشق تمرة، فليفعل"١.

وروى جابر بن عبد الله، قال: لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ قال: بلى. قال: وما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحا قال: يا عبد الله تمنَّ علي أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: فأبلغ من ورائي، فأنزل الله عز وجل {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ".

رواه ابن ماجه، وغيره. ففي هذين الحديثين ما يبطل دعوى مدعي المجاز، ويدحض حجته، ويرغم أنفه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه"٢ يعني القرآن، وقال خباب بن الأرت: يا هنتاه! تقرب إلى الله بما استطعت، فلن تتقرب إليه بشيء أحب إليه مما خرج منه. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما قرئ عليه قرآن مسيلمة الكذاب فقال: إن هذا كلام لم يخرج من إلٍّ، يعني رب. فوضح بما ذكرناه أن الله يتكلم حقيقة، وأن من ادعى المجاز بعد هذا البيان، فقد شاق الله ورسوله {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ٣.


١ البخاري: الزكاة (١٤١٣) والتوحيد (٧٤٤٣,٧٥١٢) , ومسلم: الزكاة (١٠١٦) , والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤١٥) , وابن ماجه: الزكاة (١٨٤٣) , وأحمد (٤/ ٣٧٧).
٢ الترمذي: فضائل القرآن (٢٩١١) , وأحمد (٥/ ٢٦٨).
٣ سورة النساء آية: ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>