في كتاب "الرد على الجهمية": وزعمتَ أن اسم الله في القرآن إنما هو اسم مخلوق، فقلنا: قبل أن يخلق هذا الاسم ما كان اسمه. قالوا: لم يكن له اسم. فقلنا: قبل أن يخلق العلم، أكان جاهلا لا يعلم حتى خلق لنفسه علما، وكان لا نور له حتى خلق لنفسه نورا، وكان لا قدرة له حتى خلق لنفسه قدرة. فعلم الخبيث أن الله قد فضحه، وأبدى عورته للناس حين زعم أن الله -سبحانه- في القرآن، إنما هو اسم مخلوق.
فقلنا للجهمي: لو أن رجلا حلف بالله الذي لا إله إلا هو كاذبا، لا يحنث، لأنه حلف بشيء مخلوق، ولم يحلف بالخالق؛ ففضحه الله في هذه.
وقلنا للجهمي: أليس النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء من بعدهم، والقضاة والحكام، إنما كانوا يُحَلِّفُونَ الناس بالله الذي لا إله إلا هو، وكانوا مخطئين في مذهبكم؟! إنما كان ينبغي للنبي صلى الله عليه وسلم- ولمن بعده في مذهبكم أن يحلفوا بالذي اسمه الله، وإذا أرادوا أن يقولوا: لا إله إلا الله، قالوا: لا إله إلا الذي خلق الله، وإلا لم يصح توحيدهم، ففضحه الله لما ادعى على الله الكذب.
وأيضا فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بكلمات الله، وأرشد الأمة إلى ذلك، فقال فيما ثبت في صحيح مسلم، عن خولة بنت حكيم:"من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك"١.
ففي هذا دليل صريح على أن كلام الله غير مخلوق، لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أبعد الناس عن الشرك.