للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيع الدين المستقر لمن هو في ذمته]

(وأما) بيع الدين المستقر لمن هو في ذمته، فيشترط لصحته أن يكون بسعر يومه، وأن يقبض العوض في المجلس كما إذا أخذ عن الذهب فضة وعكسه. وأما المنفعة التي يجرها القرض، فهي حرام، ومنه الهدية لأجل إقراضه إياه إلا إن حسبها من دينه، فلا بأس. وكذلك لو قضاه خيرا مما أخذ منه من غير شرط ولا مواطأة، فلا بأس، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسلف بكرا، ورد خيرا منه، وقال: "خيركم أحسنكم قضاء"١.

[انتفاع المرتهن بالمرهون]

(وأما) الرهن إذا كان محلوبا، أو مركوبا؛ فإن المرتهن يحلب ويركب بقدر نفقته متحريا للعدل.

(وأما) غير المحلوب والمركوب، فلا ينتفع به بغير إذن صاحبه، ومعنى الحديث المشهور "لا يغلق الرهن من صاحبه، له غنمه وعليه غرمه"٢.

فمعناه عند مالك، وأحمد، وغيرهما كما ذكرتم، وفسر بغير ذلك، وقول أحمد: "أكره قرض الدور .. إلى آخره"؛ وذلك لأنه قرض جر منفعة. وبعض الناس يتوصل إلى ذلك بحيلة باطلة إذا أراد أن يرتهن دارا أو أرضا في قرض، وينتفع بها، أظهروا صورة البيع وهو في باطن الأمر رهن، فيبيعه ما يساوي مائة بخمسين أو أقل أو أكثر، بأقل من قيمتها، ويشترط الخيار، وهذا يسميه بعض الناس بيع الأمانة.

(وأما) إذا كان بيعا حقيقيا ظاهرا وباطنا بأن يبيعه إياها بقيمتها من غير نقص، ويشترط الخيار، فلا بأس بانتفاعه بالمبيع في مدة الخيار كما نص عليه أحمد.

وهذه العقود المنهي عنها حرام عند العلماء، وقالوا: يحرم تعاطيهما عقدا فاسدا؛ فإذا كان العقد فاسدا فتعاطيه حرام على المتعاقدين جميعا.

[بيع اللحم بثمر أو عيش نسيئة]

(وأما) بيع اللحم بثمر، أو عيش نسيئة، فبعض العلماء رخص في


١ البخاري: الوكالة (٢٣٠٥) , ومسلم: المساقاة (١٦٠١) , والترمذي: البيوع (١٣١٦) , والنسائي: البيوع (٤٦١٨) , وابن ماجه: الأحكام (٢٤٢٣) , وأحمد (٢/ ٣٩٣,٢/ ٤١٦,٢/ ٤٧٦,٢/ ٥٠٩).
٢ ابن ماجه: الأحكام (٢٤٤١) , ومالك: الأقضية (١٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>