في حكم مسألة، فالمصيب منهم واحد. والمجتهد المخطئ إذا كان أهلا فمأجور على اجتهاده، ولا يجوز له تقليده إذا بان له خطؤه مع كونه أعلم ممن بعده، والله سبحانه- إنما أمر بالرد عند التنازع إلى كتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
فمن قال: إن ما أودع في بعض الكتب المصنفة هو الذي يجب اتباعه، فهو مخطئ يخاف عليه العقوبة في قلبه، ولازم هذه المقالة أنه إذا وجد عن المعصوم -صلوات الله وسلامه عليه- ما يخالف بعض ما فيها، أن الذي في هذه الكتب هو الواجب الاتباع دون ما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ بل كثير منهم يصرحون بذلك، ويلتزمونه مع أنه مخالف للكتاب والسنة، فهو مخالف لقول الأئمة الأربعة الذين صنفت هذه الكتب على مذاهبهم؛ لأنهم نهوا عن تقليدهم.
قال أبو حنيفة، وأبو يوسف:"لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلناه".
وصرح مالك بأن من ترك قول عمر بن الخطاب لقول إبراهيم النخعي أنه يستتاب. وقال الشافعي: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط.
وقال الإمام أحمد: لا تقلدوني، ولا تقلدوا مالكا، ولا الشافعي، ولا الثوري، وتعلموا كما تعلمنا، وقال: لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا أن يغلطوا.
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله -سبحانه- يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ١. أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، ويقال أيضا لمن قال: وضع هذه الكتب مَنْ هو أعلم منا، إذا كان ممن ينتسب إلى الحنابلة فوضع كتب الشافعية والمالكية والحنفية من هو