في صفقة واحدة، وجعل النقد معيار النسيئة، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم:"فله أوكسهما أو الربا"١، فإن مقصوده حينئذ هو بيع دراهم عاجلة بآجلة، فلا يستحق إلا رأس ماله، وهو أوكس الصفقتين، وهو مقدار القيمة العاجلة، فإن أخذ الربا فهو مربي.
التفسير الثاني: أن يبيعه الشيء بثمن، على أن يشتري المشتري منه ذلك الثمن، أولى منه أن يبيعه السلعة على أن يشتريها البائع بعد ذلك، وهذا أولى بلفظ البيعتين في بيعة؛ فإنه باع السلعة وابتاعها، أو باع الثمن وابتاعه، وهذه صفقتان في صفقة، وهذا بعينه هو العينة المحرمة وما أشبهها. ومثل أن يبيعه نسأ، ثم يشتري بأقل نقدا أو بنقد، ثم يشتري بأكثر منه نسأ، ونحو ذلك؛ فيعود حاصل هاتين الصفقتين إلى أن يعطيه دراهم، ويأخذ أكثر منها، وسلعته عادت إليه؛ فلا يكون له إلا أوكس الصفقتين، وهو النقد، فإن ازداد فقد أربى.
[مات ولم يحج]
وأما من مات ولم يحج، فإن كان قد وجب عليه الحج قبل موته لاستكمال شروط الوجوب في حقه، وجب أن يحج عنه من رأس ماله أوصى به أم لا. وإن كان الميت لم يجب عليه الحج في حياته لعدم تكامل شرائط الوجوب في حقه في حياته، لم يجب أن يحج عنه من ماله إن لم يوص به؛ فإن أوصى به فمن ثلثه. هذا ما ذكره أصحابنا وغيرهم.
[وضع الجائحة في الأرض المستأجرة]
وأما ثبوت الجائحة في الأرض المستأجرة ونحوها، فاختيار الشيخ تقي الدين معلوم لديكم، وجمهور العلماء على خلافه. بل قال في المغني والشرح: لا نعلم فيه خلافا، ولفظ الشارح بأن استأجر أرضا، فزرعها، فتلف الزرع، فلا شيء على المؤجر، نص عليه أحمد، ولا نعلم فيه خلافا لأن المعقود عليه منافع الأرض، ولم تتلف، إنما تلف مال المستأجر فيها، فصار كدار استأجرها ليقصر فيها ثيابا،