وقال الآخر كذلك، وأمره أن يضعها على دراهم الأول، أو إلى جنبها، فأخذهما صاحب الحق جميعا، وحسبهما، فوجد نقصا، لا يدري من أيهما، فما الحكم في ذلك؟
(فأجاب رحمه الله تعالى) بأن له على كل منهما اليمين أنه دفع إليه حقه تاما، وليس له إلا ذلك، لأنه فرط في خلطهما، فلم تكن الدعوة على إنسان بعينه، بل عليهما جميعا، وهي لا تسمع إلا على معين.
[موافقة الرسول ظاهرا وباطنا]
(الثانية): ما معنى قول الحموية: أما الذين وافقوه ببواطنهم، وعجزوا عن إقامة الظواهر، أو الذين وافقوه بظواهرهم، وعجزوا عن تحقيق البواطن، أو الذين وافقوه ظاهرا وباطنا بحسب الإمكان، لا بد للمنحرفين عن سنته أن يعتقدوا فيهم نقصا يذمونهم به، ويسمونهم بأسماء مكذوبة، وإن اعتقدوا صدقها كقول الرافضة: من لم يبغض أبا بكر، وعمر، فقد أبغض عليا.
(فأجاب رحمه الله تعالى): لما ذكر قبل ذلك: أن السنة هي ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتقادا واقتصادا وقولا وعملا، ثم ذكر التابعين له على بصيرة، الذين هم أولى الناس به في المحيا والممات، باطنا وظاهرا، ثم ذكر الفريق الذين وافقوه ببواطنهم وعجزوا عن إقامة الظواهر، فهم الذين وافقوه اعتقادا وعجزوا عن إقامة القول والعمل، كالدعوة إلى الله -سبحانه-، وطائفة وافقوه في الظواهر وعجزوا عن تحقيق البواطن على ما هي عليه من الفرق بين الحق والباطل بقلوبهم، ففيهم نقص من هذا الوجه، وفريق وافقوه ظاهرا، وباطنا، بحسب الإمكان، لكنهم دون الأولين التابعين له على بصيرة، اعتقادا واقتصادا قولا وعملا، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
[إطلاق الإمامة على من ليس قرشي]
(الثالثة): إن قال بعض الجهال: إن من شرط الإمام أن يكون قرشيا، ولم يقل عارضيا، يشير إلى أنه قد ادعاها من ليس من أهلها، يعني شيخ