للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمثاله في قوله -سبحانه-: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} ١ أي: من معلومه.

وأما مفسرو أهل السنة: كابن جرير، والبغوي، وابن كثير فأقروه على ظاهره، فقالوا: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} ٢ أي: لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما علَّمه الله -سبحانه- وأطلعه الله عليه.

وقول الخضر يشهد له قول الله عز وجل: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} ٣، هل يسوغ أن يقال: وما أوتيتم من المعلوم إلا قليلا؟ وقال تعالى {لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} ٤ قال ابن كثير: أنزله بعلمه أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه من البينات، والهدى، والفرقان، وما يحبه الله، وما يكرهه، وما فيه من العلم بالغيب، وما فيه من ذكر صفاته المقدسة، كما قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} ٥.

وقال الخضر لموسى: إني على علم من علم الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علَّمَك إياه لا أعلمه؛ فهذا كله يبطل قول من تأول العلم بالمعلوم، وأي محذور في إجرائه على ظاهره، والله أعلم.

[الشرب باليد الواحدة والشرب على البطن]

وما ذكرت من النهي عن الشرب باليد الواحدة، وحديث الترغيب في الشرب باليد، فلا أظن لذلك أصلا، والله أعلم.

وأما الشرب على البطن يراد به: الكرع في الماء، فقد ورد حديث يدل على جواز الكرع، ففي البخاري أن -النبي صلى الله عليه وسلم- دخل على رجل من الأنصار، فقال له: "إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كَرَعنا"٦ والكرع: هو الشرب من النهر ونحوه، بالفم من غير إناء، ولا يد. وورد حديث رواه ابن ماجه بالنهي عن الشرب كذلك، فيحمل هذا إن صح على ما إذا انبطح الشارب على بطنه، وحديث البخاري إذا لم ينبطح،


١ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٢ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٣ سورة الإسراء آية: ٨٥.
٤ سورة النساء آية: ١٦٦.
٥ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٦ البخاري: الأشربة (٥٦١٣,٥٦٢١) , وأبو داود: الأشربة (٣٧٢٤) , وأحمد (٣/ ٣٢٨,٣/ ٣٤٣,٣/ ٣٤٤,٣/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>