وقال أبو العباس -رحمه الله تعالى-: لم ينص أحمد على الملك، ولا على عدمه، وإنما نص على أحكام أخذ منها ذلك، قال: والصواب أنهم يملكونها ملكا مقيدا، لا يساوي أملاك المسلمين من كل وجه. انتهى.
ولهذا إذا وجدها صاحبها قبل القسمة أخذها مجانا. ومن فوائد الخلاف في المسألة أن من أثبت الملك للكفار في أموال المسلمين، أباح للمسلمين إذا ظهروا عليها، قسمتها والتصرف فيها ما لم يعلموا صاحبها.
وأن الكافر إذا أسلم، وهي في يده، فهو أحق بها. ومن لم يُثْبت الملك لم يُجَوِّز قسمتها، وتوقف إذا جهل ربها. ولربه أخذه بغير شيء حيث وجده، ولو بعد القسمة، أو الشراء منهم، أو إسلام آخذه وهو معه، فيأخذه من مشتريه مجانا. فعلى القول بعدم الملك، ومقتضى اختيار أبي العباس أن الثمرة المذكورة باقية على ملك صاحبها، يرجع مجانا على من هي بيده. ومقتضى هذا القول -أيضا- أن صاحبها يُضَمِّنها مَن انتفع بها، إذا كانت تالفة.
وعلى القول الثاني يأخذها صاحبها ممن هي في يده مجانا، إن كان متهبا، وإن كان مشتريا أعطاه الثمن الذي اشتراها به. وإذا اختلفا في كونه مشتريا، أو متهبا، وأقام من هي في يده بينة أنه مشتر، وأقام صاحب الثمرة بينة أنه أقر أنه متهب، فالظاهر تعارض البينتين، ويصيران كمن لا بينة لهما، ويكون القول قول صاحب الثمرة بيمينه: أن من هي في يده متهب لأنه غارم، كالمذهب فيمن اشترى أسيرا مسلما من الكفار ببينة الرجوع، وتنازعا في قدر ما دفع فيه، أن القول قول الأسير لأنه منكر للزيادة، ولأنه غارم. وكلامهم هذا، واختلافهم -إنما هو في الكفار الأصليين.
وأما المرتدون، فكلامهم -رحمهم الله- صريح في أن حكمهم ليس كذلك، وأنهم لا يملكون ما استولَوْا عليه من أموال المسلمين، لأنهم صرحوا