للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشر يزداد، وقال: إنما هلك بنو إسرائيل على يد قرائهم وفقهائهم، وستهلك هذه الأمة على أيدي قرائهم وفقهائهم، قال ابن المبارك: "وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ وأحبار سوء ورهبانها".

وقد أخبر الله -سبحانه- عن اليهود أنهم يحرِّفون الكلم عن مواضعه، أي: يتأولون كتاب الله على غير ما أراد الله، وقال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ١.

وأخبر عنهم أنهم {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} ٢. ولا بد أن يوجد في هذه الأمة من يتابعهم على ما ذَمَّهم الله به. والإنسان إذا عرف الحق من ضده، لم يبال بمخالفة من خالف كائنًا من كان، ولا يكبر في صدره مخالفة عالم، ولا عابد؛ لأن هذا أمر لا بد منه، وما أخوفني على من عاش أن يرى أمورا عظيمة لا منكر لها، والله المستعان.

[وقوع الشرك من كثير من المتأخرين]

والاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- صدرت من كثير من المتأخرين ممن يُشَار إليه بالعلم. وقد صنَّف رجلٌ يقال له: ابن البكري كتابا في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجلد، بيَّن فيه بطلان ما ذهب إليه، وبيَّن أنه من الشرك.

قال الشيخ -رحمه الله-*: وقد طاف هذا -يعني: ابن البكري- على علماء مصر فلم يوافقه منهم أحد، وطاف عليهم بجوابي الذي كتبته، وطلب منهم معارضته، فلم يعارضه أحد منهم، مع أن عند بعضهم من التعصب ما لا يخفى، ومع أن قوما كان لهم غرض وجهل بالشرع قاموا في ذلك قياما عظيما، واستعانوا بمن له غرض من ذي سلطان، مع فرط عصبيتهم، وكثرة جمعهم، وقوة سلطانهم، ومكايدة شيطانهم.

قال -رحمه الله تعالى-**: والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد


١ سورة البقرة آية: ٧٥.
٢ سورة النساء آية: ٥١.
* "الرد على البكري" ٢/ ٤٨٦. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
** "الرد على البكري" ٢/ ٤٧٩. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>