للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في مسألة القرض، فلأنها بقيت في ملك المقترض، فلم يملك ردها، وإنما يملك القيمة -والحالة هذه- على المذهب فيما إذا منع السلطان المعاملة بها خاصة، أما إذا زادت قيمتها، أو نقصت مع بقاء التعامل بها وعدم تحريم السلطان لها، فيرد مثلها، سواء غلت، أو رخصت، أو كسدت، هذا حاصل المذهب في المسألة عند أكثر الأصحاب.

وقال شيخ الإسلام تقي الدين -رحمه الله-: قياس القرض فيما تقدم جميع الديون من بدل المتلف والمغصوب، والصداق، والصلح عن القصاص، والكتابة، قال: وكذا نص أحمد في جميع الديون.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل له على رجل دراهم مكسرة، فسقطت المكسرة أو فلوس، قال: يكون له عليه قيمتها من الذهب. انتهى.

وقال الشيخ -أيضا-: وقد نصوا في القرض على أن الدراهم المكسرة إذا مُنِعَ التعاملُ بها، فالواجب القيمة، فيخرج في سائر المتلفات، كذلك في الغصب والقرض؛ فإنه معلوم أنه ليس المراد عيب الشيء المعين، فإنه ليس هو المستحق، وإنما المراد عيب النوع، والأنواع لا يُعْقَل عيبُها إلا نقصان قيمتها.

فإذا أقرضه، أو غصبه طعاما، فنقصت قيمته -فهو نقص النوع، فلا يُجْبَر على أخذه ناقصا، فيرجع إلى القيمة، وهذا هو العدل؛ فإن المالين إنما يتماثلان؛ إذا استوت قيمتهما، وأما مع اختلاف القيمة فلا تماثل، فعيب الدين إفلاس المدين، وعيب العين المعينة خروجها عن الكمال بالنقص، وأما الأنواع فلا عيب فيها بالحقيقة، وإنما نقصانها كعيبها. انتهى.

فالحاصل أن الأصحاب إنما أوجبوا رد قيمة ما ذُكِرَ في القرض والثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>