للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسجد لله شكرًا على توفيقه، وقال: لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل، هذا وهم أكثر الناس عبادة وصلاة وصوما.

فصل

[في مراتب الإيمان والكفر والنفاق والمعاصي]

ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة قد يراد بها مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة، وقد يراد بها مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين، والثاني لا يحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية. وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي، وتفسير السنة، قال -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} ١ الآية، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ٢. وكذلك اسم المؤمن، والبر، والتقي يراد بها عند الإطلاق والثناء غير المعنى المراد في مقام الأمر والنهي، ألا ترى أن الزاني، والسارق، والشارب يدخلون في عموم قوله -تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} ٣، وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} ٤ الآية، وقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} ٥، ولا يدخلون في مثل قوله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ٦، وقوله تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} ٧ الآية. وهذا هو الذي أوجب للسلف ترك تسمية الفاسق باسم الإيمان والبر.


١ سورة إبراهيم آية: ٤.
٢ سورة النحل آية: ٤٣.
٣ سورة المائدة آية: ٦.
٤ سورة الأحزاب آية: ٦٩.
٥ سورة المائدة آية: ١٠٦.
٦ سورة الحجرات آية: ١٥.
٧ سورة الحديد آية: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>