طبعه كالبعير الذي يعقله أهله ثم يطلقونه، لا يدري فيم عقل ولا فيم أطلق. وتذكر أن الغربة اشتدت، والأمر كما وصفت، وأعظم مما إليه أشرت، ولكن ليكن لك على بال، ما ورد في فضل الغرباء ووصفهم؛ فاغتنم نصرة الإسلام والدعوة إليه، ونصره ونشره وتعريفه وتقريره في كل مجلس ومجمع. فإن أكثر الناس قد ضل عنه ولا يدري حقيقته ومسماه، وقد وقع ذلك ممن ينتسب إلى الدين، ونسي ما كان عليه من تقرير التوحيد وأدلته، وجاء بما يناقضه، ويقوي عضد المشركين، ويقتضي نصرة أعداء الملة والدين. وقد بلغنا عن عبد الرحمن الوهيبي وأمثاله بعد ذهابه إليهم ما تصان عن ذكره الأسماع، وصار يعترض على من أنكر طريقته وذمها. ويزعم أنه قد خالف طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وصرح بمسبة من أنكر عليه ونسبه إلى موالاتهم، فالذي يجادل عنه داخل في عموم قوله تعالى {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} ١.
وكذلك ما ذكرت عن الذي أنكر عليكم الفتوى بحل ما أخذت في درب العقير مع العسكر والزوار؛ فلا يصدر هذا الإنكار إلا عن جهل بحقيقة الإسلام وقواعده، وسرية ابن الحضرمي في عهده صلى الله عليه وسلم مشهورة معروفة، وهي أول دم أهريق في الإسلام وقصدت عير قريش. وقريش في ذلك الوقت مع كفرهم وضلالهم، أهدى من كثير من العسكر والزوار من الرافضة بكثير، فكيف وقد بلغ شركهم إلى تعطيل الربوبية والصفات العلية، وإخلاص العبادات للمعبودات الوثنية، ومعارضة الشريعة المحمدية، بأحكام الطواغيت والقوانين الإفرنجية؟ فمن جادل عمن خالط هؤلاء ودخل لهم في الشورى، وترك الهجرة إلى الله ورسوله، وافتتن به كثير من