للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجيئه، لمَّا أخرجَ شيعةُ عبدِ الله سعود*، وقدم من الإحساء ذاكرته في النصيحة وتذكيره بآيات الله وحقه وإيثار مرضاته والتباعد عن أعدائه وأعداء دينه أهل التعطيل والشرك والكفر البواح، وأظهر التوبة والندم، واضمحل أمر سعود، وصار مع شرذمة من البادية حول آل مرة، والعجمان. وصار لعبد الله غلبةٌ ثبتت بها ولايته على ما قرره الحنابلة وغيرهم، كما تقدم أن عليه عمل الناس من أعصار متطاولة. ثم ابتلينا بسعود، وقدم إلينا مرة ثانية وجرى ما بلغكم من الهزيمة على عبد الله وجنده ومر بالبلدة منهزما لا يلوي على أحد، وخشيت من البادية، وعَجَّلْتُ إلى سعود كتابا في طلب الأمان لأهل البلدة، وكف البادية عنهم، وباشرت بنفسي مُدَافعة الأعراب مع شرذمة قليلة من أهل البلد ابتغاء ثواب الله ومرضاته، فدخل البلد وتوجه عبد الله إلى الشمال، وصارت الغلبة لسعود، والحكم يدور مع علته.

وأما بعد وفاة سعود فَقدم الغزاة، ومن معهم من الأعراب العتاة، والحضر الطغاة، فخشينا الاختلاف، وسفك الدماء وقطيعة الأرحام بين حمولة آل مقرن مع غيبة عبد الله. وتعذرت مبايعته بل ومكاتبته، ومن ذكره يخشى على نفسه وماله، أفيحسن أن يترك المسلمون وضعفاؤهم نَهْبًا وسَبْيًا للأعراب والفُجار، وقد تحدثوا بنهب الرياض قبل البيعة، وقد رامها من هو شر من عبد الرحمن وأطغى، ولا يمكن ممانعتهم ومراجعتهم، ومن توهم أني وأمثالي أستطيع دفع ذلك مع ضعفي وعدم سلطاني وناصري فهو من أسفه الناس وأضعفهم عقلا وتصورًا.

ومن عرف قواعدَ الدين، وأصول الفقه، وما يطلب من تحصيل المصالح ودفع المفاسد، لم يشكل عليه شيء من هذا، وليس الخطاب مع


* كذا في الأصل المطبوع، والصواب (سعودًا). [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>