للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أم لا؟ وكذلك إذا كان لإنسان على آخر تمر، ثم جاءه وقت الوجوب ولم يحصل له شيء من عمله ومنعه وقال: الذي هو في ذمته بعنني تمرًا أوفيك به، وكذلك إذا تحقق التاجر أن ما حصل له تمر يأخذه، قال للكداد: اشتره مني، وباعه عليه، ثم أوفاه به. هل يصح ذلك أم لا؟

(الجواب): إذا كان في ذمة الكداد دراهم للتاجر أو الأجير، وبغى يقلبها عليه في زاد، فهذه المسألة خطرها كبير؛ فينبغي التفطن لها لئلا يقع الإنسان في الربا وهو لا يشعر. وصورة المسألة أن العلماء اختلفوا، هل يجوز للتاجر أن يسلم إلى غريمه دراهم ثم يستوفي بها عن دينه، فمنعه مالك -رحمه الله- وقال: ما خرج من اليد وعاد إليها فهو لغو وجوده كعدمه، ومذهبه -رحمه الله- أن هذا التصحيح الذي يفعله الناس اليوم لا يجوز.

وأما الأئمة الثلاثة فيفرقون بين المليء الباذل والمعسر المماطل، فالمعسر لا يجوز قلب الدين عليه والواجب إنظاره، قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة من الآية: ٢٨٠]، وأما المليء الباذل فظاهر كلامهم جواز السلم إليه، ولو أوفاه من الدراهم التي أسلمها إليه إذا كان على غير وجه الحيلة.

ومن أعظم ما يكون وأشده خطرا التحيل على قلب الدين إذا عجز عن استيفائه، فتجد الرجل يطلب من الكداد دراهمه، فإذا عجز عن استيفائها كتبها عليه، وصحح فيها، وهو لو يطمع في أن دراهمه تحصل له بتمامها، ولو عقب دور السنة ما كتبها عليه، ولكن إذا علم أنه ما حصل له دراهم، وعرف أنها باقية في ذمة الكداد قلبها عليه بزاد لئلا يفوته الربح، وكذلك إذا كان في الصغرى، وحل أجل التمر، وعرف أنه إن أراد أن يأخذ تمره من الكداد ما حصل له، وخاف أن يقول: إن أخذت تمري وقفت، فإذا تحقق أنه ما حصل له شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>