للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفضل القبور على الإطلاق قبره صلى الله عليه وسلم، ولا يشرع تقبيله واستلامه بالإجماع، ولا يشرع الدعاء عنده، فلا يُشَبَّهُ بيت المخلوق ببيت الخالق، وبيت العبد ببيت الرب. وبالجملة فهذا القول قول شنيع، لا مُسْتَنَدَ له، ولا دليل عليه. وتقبيل الحجر الأسود مشروع، وكذا استلامه باليد، فإن استلمه بالمحجن ونحوه لعذر، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى الحجر الأسود، واستلمه بمحجن كان في يده.

[صفة العلو والرد على منكريها]

وأما قوله: إنكم تعتقدون العُلُوَّ، فنعم نعتقده ونُشْهِدُ اللهَ عليه، وكل مسلم عرف الله بأسمائه وصفاته يعتقد أنه هو العلي الأعلى، الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، هذا نص القرآن وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} ١. وأول من أنكر العلو فرعون إذ قال: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} ٢ فيما جاء به من الله، أن الله هو العلي الأعلى، وأنه فوق عباده مستو على عرشه.

وأما الآية الكريمة التي احتج بها هذا الضال، فلم يعرف معناها، ولم يَدْرِ المرادَ منها، وأهل التفسير متفقون على أن المراد بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} ٣ أنه معبود في السماء ومعبود في الأرض لأنه الإله المعبود كما في قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} ٤، وقال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} ٥. وَالحُلُولِيَّة من غلاة الجهمية يرون أنه حَالٌّ بذاته في كل مكان، لم ينَزِّهُوه عن شيء، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وأما حديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"٦ فهو حديث


١ سورة هود آية: ١٧.
٢ سورة غافر آية: ٣٦.
٣ سورة الزخرف آية: ٨٤.
٤ سورة الأنعام آية: ٣.
٥ سورة مريم آية: ٩٣.
٦ مسلم: الصلاة (٤٨٢) , والنسائي: التطبيق (١١٣٧) , وأبو داود: الصلاة (٨٧٥) , وأحمد (٢/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>