للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرب وصفاته، وربوبيته وتوحيده، سَمِعَه منهم قَرَوِيُّهم وبَدَوِيُّهم، خاصهم وعامهم، عربهم وعجمهم، ولم يُشْكِلْ على أحد منهم ذاك ولا شك فيه، بل آمنوا به وعرفوا المراد منه، ومضت القرون الثلاثة على إثبات ذلك والإيمان به، وتلقي معناه عن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ١. وإن جحد بعض المنافقين فهو مدحورٌ مقهورٌ حتى حدث ما حدث في آخر القرن الثالث وما بعده.

[الآيات في بطلان الشرك]

وأما دعواه أن الأولياء يقدرون على خلق ولد من غير أب، فهذه طامةٌ كبرى ورِدَّةٌ صريحة، وتكذيبٌ لجميع الكتب السماوية، ورَدٌّ على كل رسول، ومخالفةٌ لإجماع الأمم المنتسبين إلى الرسل والكتب السماوية؛ فإنهم مجمعون على أن الله هو الخالق وحده، وغيره مخلوق، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} ٢، وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} ٣، وقال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} ٤، ولو كان لغير الله شركة في الخلق والتأثير لكان له شركة في الربوبية والإلهية، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} ٥ الآية، فنفى سبحانه عن غيره أن يكون له ملك في السماوات والأرض، ولو قلَّ كمثقال ذرة، ونفى الشركة أيضا في القليل والكثير، ونفى أن يكون له ظهير وعون يعاونه في خلق أو تدبير؛ فإنه الغني بذاته عن كل ما سواه، والخلق بأسرهم فقراء إليه، ثم نفى الشفاعة إلا لمن أذن له.


١ سورة النجم آية: ٤.
٢ سورة فاطر آية: ٣.
٣ سورة الأنعام آية: ١٠٢.
٤ سورة الأعراف آية: ١٩١.
٥ سورة سبأ آية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>