هل هو من التأويل المردود أو لا؟ فلا يخفاك أن التأويل بالمعنى الأعم يدخل فيه مثل هذه، وقد حكاه جمع من أهل الإثبات.
وأما التأويل بالمعنى الأخص عند الجهمية ومن نحا نحوهم، فليس هذا منه لأنهم أولوا النور الذي هو اسمه وصفته بما يرجع إلى فعله وخلقه، وليس هذا منه. وقد فسرت السبحات بالعظم لأن أصل السبحة من التنْزيه والتقديس، وفسرت بضوء الوجه المقدس، وفسرت بمحاسنه لأن من رأى الشيء الحسن، والوجه الحسن سبح بارئه وخالقه. وقيل: هي باقية على أصلها، لأن التسبيح التنْزيه. وقيل: سبحات وجهه في الحديث جملة معترضة، يريد قائل هذا إسناد الفعل إلى الوجه المنزه حكاه ابن الأثير، وقال: الأقرب أن المعنى لو انكشف من أنواره التي تحجب العباد شيء، لهلك كل من وقع عليه ذلك النور، كما خر موسى صعقا، وتقطع الجبل -تجلى سبحانه وتعالى-، وهذا لا يبعد إن أريد نور الذات، هذا ما ظهر لي ١ لما. وصلى الله على محمد، وبلغ سلامنا الشيخ عبد الملك والأخ حمد وعيالكم، ولا تنسانا من صالح الدعاء في هذه الليالي المباركات، والعيال بخير، وينهون السلام.
١ أي ما ظهر له في ذلك الوقت، أو بالنسبة إلى حال السائل. وقد سبق له بحث طويل في النور الإلهي والسبحات والحجب في الرسالة الخامسة عشرة في صفحة ٩٩.