الفلسفة لحاء الشريعة؛ حتى ظنها الأغمار والجهال بالحقائق من دين الله الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، ودخل به الناس في الإسلام، وهي في الحقيقة محض فلسفة منتنة، يعرفها أولو الأبصار، ويمجها من سلك سبيل أهل العلم كافة في القرى والأمصار، قد حذر أهل العلم والبصيرة عن النظر فيها، ومطالعة خافيها وباديها. بل أفتى بتحريقها علماء المغرب ممن عرف بالسنة، وسماها كثير منهم إماتة علوم الدين، وقام ابن عقيل أعظم قيام في الذم والتشنيع، وزيف ما فيه من التمويه والترقيع، وجزم بأن كثيرًا من مباحثه زندقة خالصة لا يقبل لصاحبها صرف ولا عدل.
قال شيخ الإسلام: ولكن أبو حامد دخل في أشياء من الفلسفة، وهي عند ابن عقيل زندقة، وقد رد عليه بعض ما دخل فيه من تأويلات الفلاسفة، ورد عليه شيخ الإسلام في السبعينية. وذكر قوله في العقول والنفوس، وأنه مذهب الفلاسفة، فأفاد وأجاد، ورد عليه غيره من علماء الدين. وقال فيه تلميذه ابن العربي المالكي: شيخنا أبو حامد دخل في جوف الفلسفة، ثم أراد الخروج؛ فلم يحسن. وكلام أهل العلم معروف في هذا لا يشكل إلا على من هو مزجى البضاعة، أجنبي من تلك الصناعة، ومشايخنا -تغمدهم الله برحمته- مضوا على هذا السبيل والسنن، وقطعوا الوسائل إلى الزندقة والفلسفة والفتن، وأدبوا على ما هو دون ذلك، وأرشدوا الطالب إلى أوضح المناهج والمسالك. وشكرهم على ذلك كل صاحب سنة وممارسة للعلم النبوي، وأنت قد خالفت، وخرجت عن مناهجهم، وضللت المحجة، وخالفت مقتضى البرهان والحجة، واستغنيت برأيك، وانفردت بنفسك، عن المتوسمين بطلب العلم المنتسبين إلى السنة. ما أقبح