للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأباد الباطل وأزاله. ثم أورد المازري أشياء مما تنقَّده على أبي حامد يقول: ولقد أعجب من قوم مالكية، يرون الإمام مالكا يهرب من التحديد، وإيجاب أن يرسم رسما، وإن كان فيها أثر ما أو قياس ما، تورعا وتحفظا من الفتوى فيما يحمل الناس عليه، ثم يستحسنون من الرجل فتاوى مبناها على ما لا حقيقة له، وفيه كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم لفق منه الثابت بغير الثابت. وكذا ما أورد عن السلف لا يمكن ثبوته كله، وأورد من نزعات الأولياء، ونفثات الأصفياء، ما يجل موقعه، لكن مزج فيه النافع بالضار، كإطلاقات يحكيها عن بعضهم، لا يجوز إطلاقها لشناعتها، وإن أخذت معانيها على ظواهرها كانت كالرموز لقدح الملحدين، ولا تنصرف معانيها إلى الحق إلا بتعسف، على أن اللفظ مما لا يتكلف العلماء مثله إلا في كلام صاحب الشرع الذي اضطرت المعجزات الدالة على صدقه المانعة من جهله وكذبه إلى طلب التأويل ١ كقوله: "إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن"٢ وأن "السموات على أصبع"٣ وكقوله: "لأحرقت سبحات وجهه"٤ وكقوله: "يضحك الله"، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة ظاهرها مما أحاله العقل ٥ - إلى أن قال-: فإذا كانت العصمة غير


١ قوله: إلى طلب التأويل إلخ كلام باطل مستدرك مردود على قائله، فالذي درج عليه السلف الصالح وأهل التحقيق من أهل العلم أن هذه الأحاديث تجري على ظواهرها ولا يتعرض لها بتأويل، فمن تأولها فقد سلك غير سبيل المؤمنين، ونحا طريقة المتكلمين المتكلفين الحيارى المفتونين، فعليك بما كان عليه السلف الصالح والصدر الأول، والله أعلم. سليمان بن سحمان. انتهى من حاشية الأصل.
٢ الترمذي: القدر (٢١٤٠) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٣٤).
٣ البخاري: تفسير القرآن (٤٨١١) , ومسلم: صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٨٦) , والترمذي: تفسير القرآن (٣٢٣٨) , وأحمد (١/ ٣٧٨).
٤ مسلم: الإيمان (١٧٩) , وأحمد (٤/ ٤٠٠ ,٤/ ٤٠٥).
٥ وهذه الأحاديث وأشباهها لا تحيلها العقول السليمة، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته، وهو على كل شيء قدير، بل نقطع على أنها حق على حقيقتها، ولا نتعرض لها بكيف ولا تأويل، بل نصف الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، ولا نتجاوز القرآن والسنة، والله أعلم. سليمان بن سحمان. انتهى من حاشية الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>