الخصال المعدودة من خصالهم، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم فاقتدوا بهم فيها، وتابعوهم عليها. (قالوا): وليس معنى الحديث أن النبوة تتجزأ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة، فإن النبوة غير مكتسبة، ولا مجتلبة بالأسباب، وإنما هي كرامة من الله، وخصوصية لمن أراد الله إكرامه من عباده:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} وقد انقطعت النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وفيه وجه آخر، وهو أن يكون معنى النبوة هاهنا ما جاءت به النبوة، ودعت إليه الأنبياء عليهم السلام، يعني أن هذه الخلال من أربعة وعشرين جزءا مما جاءت به النبوات، ودعت إليه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقد أمرنا باتباعهم في قوله -عزوجل-: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. قالوا: وقد يحتمل وجها آخر، وهو أن من اجتمعت له هذه الخصال لقيه الناس بالتعظيم والتوقير، وألبسه الله -تعالى- لباس التقوى الذي يلبسه أنبياءه، فكأنها جزء من النبوة. قلت: وما قبل هذا أليق بمعنى الحديث.
وأما حديث الرؤيا: فقيل: معناه تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وهو جزء من أجزاء النبوة في الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- دون غيرهم، لأن رؤيا الأنبياء وحي، قال عمرو بن دينار عن عبد الله بن عمير: رؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي، وقرأ قوله -تعالى -: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} وأما تحديد الأجزاء بالعدد المذكور في الحديث، فقد قال فيه بعض أهل العلم: إنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بمكة ستة أشهر في منامه، ثم توالى الوحي يقظة إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم