شارب الخمر:"فإن شربها في الرابعة فاقتلوه"١. وقد أفتى شيخ الإسلام بقتل من شرب الخمر في نهار رمضان إذا لم يندفع شره إلا بذلك، وأفتى بِحِلِّ دمِ مَن جَمَزَ إلى معسكر التتار وَكَثَّرَ سوادهم، وأَخْذِ ماله، وكل هذا من التعازير التي يرجع فيها إلى ما يحصل به درء المفسدة وحصول المصلحة، وأفتى بالتعزير في أخذ المال إذا كان فيه مصلحة. وقد عرفتم أن من أكبر المصالح مَنْعُ هذا الضرب بأي طريق، وأنه لا يستقيم حالٌ وإسلامٌ لمَن ينتسب إلى الإسلام مع المخالطة والمُقَارَفَة الشِّرْكِيَّة لوجوه:(منها): عدم معرفة أصول الدين وأحكام الله في هذا ونحوه. (ومنها): العجز عن إظهاره لو عرفوه. (ومنها): أن العدو مُحارب قد سار إلى بلاد المسلمين واستولى على بعضها؛ فليس حكمه كحكم غيره؛ بل هذا جهاده يجب على كل أحد فرض عين لا فرض كفاية، كما هو منصوص عليه. (ومنها): أن تلك البلاد مُلِئَتْ بالمشبهين والصادين عن سبيل الله ممن ينتسب إلى العلم، ويُسَمُّونَ أهلَ التوحيدِ: الغلاةَ كما سماهم إخوانهم: خوارجَ. والهجرة لها مقصودان: الفرارُ من الفتنة، وخوفُ المفسدة الشركية. والثاني: مجاهدة أعداء الله والتَّحَيُّزُ إلى أهل الإسلام. وقد كانت شرطا في أول الإسلام مع ضعف المسلمين وخوف المشركين وشدة بَأْسِهِم، وكثرة الأسباب الداعية إلى الفتنة، والسر فيها لا يُهْدَر ولا يُطْرَح في كل مقام، لا سيما والمُقَارِف لهذا الفعل وغيره من الأفعال الموجبة للردة كثيرٌ جدا، فالنجا النجا، والوحا الوحا قبل أن يَعَضَّ الظالمُ على يديه، ويقول: يا ليتني اتخذتُ مع الرسول سبيلا. ولعل الله أن يَمُنَّ بخطٍ مبسوطٍ يأتيكم بعد هذا، فيه التعريجُ على شيء من نصوص أهل العلم، وبيان كَذِب هذا المُفْتَرِي على الشيخ. وأهل المذهب لا يختلفون في أن حكم السفر حكمُ الإقامة، يُمْنَع منه مَن عَجَزَ عن
١ الترمذي: الحدود (١٤٤٤) , وأبو داود: الحدود (٤٤٨٢) , وابن ماجه: الحدود (٢٥٧٣) , وأحمد (٤/ ٩٣ ,٤/ ٩٥ ,٤/ ٩٦ ,٤/ ٩٧ ,٤/ ١٠٠).