للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند التعذر وعدم إمكان الجمع إن دل عليه دليل. (ومنها): أن السُّنَّة متظاهرةٌ بطلب الإحسان والعدل مطلقا، ولا قائل بالنسخ، لكن قد يجاب عن ابن زيد وقتادة بأن النسخ في كلامهما بمعنى التخصيص؛ وهو مُتَّجِهٌ على اصطلاح بعض السلف؛ ولا شك أن القتال بالسيف وتوابعه من العقوبات والغلظة في محلها مخصوص من هذا العموم.

ووجه مناسبة الآية لما قبلها من الآي: أنه لما ذكر -تعالى- نهيه عبادَه المؤمنين عن اتخاذ عدوه وعدوهم أولياء يلقون إليهم بالمودة؛ ثم ذكر حال خليله، ومن آمن معه في قولهم، وبراءتهم من قومهم المشركين حتى يؤمنوا. وذكر أن لعباده المؤمنين أسوة حسنة خيف أن يتولاهم، ويظن أن البر والعدل داخلان في ضمن ما نهى عنه من الموالاة، وأمر به أن يدفع هذا ١ بقوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ} ٢ الآية.

[اصطلاحات حديثية]

الحديث المرفوع والمسند والمتصل:

وأما المسألة الثانية في الفرق بين المرفوع والمسند والمتصل: فاعلم أن المرفوع: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولا، أو فعلا، أو حكما. واشترط الخطيب البغدادي كون المضيف صحابيا، والجمهورُ على خلافه. والمسند: هو المرفوع، فهو مرادفٌ له، وقد يكون متصلا كمالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد يكون منقطعا كمالك


١ قد أوجز الشيخ -رحمه الله- فجاء كلامه غيرُ كافٍ في بيان المراد، فأجاز البر والعدل لمن نهى الله عن ولايتهم في الآية، وهم المحاربون للمسلمين لأجل صدهم عن دينهم. والمُتَبَادَرُ من الاستئناف البياني في قوله: {لا يَنْهَاكُمُ} إلى آخره الذي هو استدراك على النهي عن الموالاة والمودة للكفار المعادين المحاربين في الدين هو أن من ليس كذلك من الكفار لا يدخلون في عموم النهي الأول من كل وجه بل يجوز برهم والعدل إليهم؛ ولذلك أكد الآية الأولى بالثانية وهي: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} إلخ.
٢ سورة الممتحنة آية: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>