للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وسمع منه، وتربى بين يديه، ومن لم يحط بهذا فهو دون غيره، كما لا يخفى على عارف. والمنصف من الأعداء يعترف بهذا، وقد عرف العامة والخاصة مناصحته لولاة الأمور، وحثهم على ما ينتفعون به في الدنيا والآخرة، من تحكيم كتاب الله، والجهاد لإعلاء كلمته، ونصحهم عن الإصغاء إلى أهل الريب والشك في الدعوة الإسلامية، والحقائق التوحيدية، الذين يبغونها عوجا، ولا يحبون ظهور هذا الدين وعلوه. فهو قد نصح ولاة الأمر منهم، وكبت الله بسببه وأخزى منهم عددا كثيرا، وهو قائم على قضاة تلك البلاد في النظر في أحكامهم، يرد كثيرا مما أجمع على بطلانه منها، وينقضها بالقانون الشرعي، والمنهاج المرعي، وهذا مشهور لا ينكره إلا مكابر.

(شعر):

وما ضر عين الشمس إن كان ناظرا ... إليها عيون لم تزل دهرها عميا

وقد عرف من كان له فضل وعلم، أن كلام أمثالكم، وبهت أشباهكم مما يدل على فضله وجلالته وهيبته وفطانته، وأن ذلك مما يزيده الله به -إن شاء- رفعة وشرفا في الدنيا والآخرة، ويوجب -إن شاء الله- حسن العاقبة، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الأِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ١، وقال -تعالى- {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ٢. ومما يستحسن لشيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه، ونور ضريحه- قوله:

ولم تكن لي في القلوب مهابة ... لم تكثر الأعداء فيَّ وتقدح

كالليث لما هيب خط له الزبى ... وعوت لهيبته الكلاب النبح


١ سورة النور آية: ١١.
٢ سورة آل عمران آية: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>