للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّكَ} ١. ويطلق على وجود العذاب قال تعالى: {وَقُضِيَ الأَمْرُ} ويطلق على التمكن من الشيء وتمامه كقوله: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} ٢. ويطلق على الفصل والحكم كقوله: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} ٣. ويطلق على الخلق كقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ٤. ويطلق على الحتم كقوله: {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} ٥. ويطلق على الأمر الديني كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} ٦. ويطلق على بلوغ الحاجة، ومنه: قضيت وطري، ويطلق على إلزام الخصمين بالحكم. ويطلق بمعنى الأداء كقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} ٧. والقضاء في الكل مصدر، واقتضى الأمر الوجوب دل عليه، والاقتضاء هو العلم بكيفية نظم الصيغة، وقولهم: لا أقضي منه العجب. قال الأصمعي: يبقى ولا ينقضي. وقال السائل: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"٨، وأي شيء حقيقة البدعة، وهل يؤول الكلام أم لا؟ فإذا قلت: لا فأكثر ما تستعملونه في شرب القهوة ولبس المحارم وغيرها بدعة لا تثبت من الرسول صلى الله عليه وسلم ولا ممن يعتبر بهم.

فجوابه أن يقال: هذا السؤال دليل على جهل السائل بالرواية والدراية وباللسان العربي، فكلام هذا الضرب من الناس يكفي من هداه الله، وفي هذا بيان جهلهم وضلالهم، أما جهله بالدراية فمن وجوه: أحدها: قوله: هل يؤول الكلام أم لا؟ والتأويل في عرف هؤلاء صرف الكلام عن ظاهره، وعن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح، ومن سلك هذه الطريقة في أخبار الرسول ونصوص القرآن فقد فتح على نفسه باب الإلحاد والزندقة، وليس في كلام الله وكلام رسوله ما ظاهره ومعناه الراجح


١ سورة الزخرف آية: ٧٧.
٢ سورة طه آية: ١١٤.
٣ سورة الزمر آية: ٦٩.
٤ سورة فصلت آية: ١٢.
٥ سورة مريم آية: ٢١.
٦ سورة الإسراء آية: ٢٣.
٧ سورة البقرة آية: ٢٠٠.
٨ مسلم: الجمعة (٨٦٧) , والنسائي: صلاة العيدين (١٥٧٨) , وابن ماجه: المقدمة (٤٥) , والدارمي: المقدمة (٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>