للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما. انتهى.

وبيان ذلك قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء من الآية: ٢٢]، يراد به النهي عن العقد والوطء جميعا، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها"١ وقوله: "لا ينكح المحرم ولا ينكح"٢، وغير ذلك من الأحاديث، يراد بذلك النهي عن العقد والوطء جميعا. فإذا تأملت نصوص الكتاب والسنة تبين لك أن المراد بالنكاح لفظ مشترك يعم العقد والوطء، إلا قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة من الآية ٢٣٠] فإن المراد بالنكاح في هذه الآية الوطء بعد العقد الصحيح، فلا تحل بوطء من غير عقد ولا يكفي العقد وحده، بل لا بد من الوطء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "حتى تذوقي عسيلته"٣ الحديث.

[خطبة المرأة في عدة أختها]

(مسألة): إذا أراد رجل أن يتزوج بأخت زوجته، وهو يعلم أن الجمع بينهما لا يصح، ولكن أراد أن يخطبها في عدة أختها أو قبل طلاقها

(الجواب): فهذه المسألة لم أقف عليها منصوصة في كلامهم، وظاهر عباراتهم جواز ذلك؛ لأنهم لم يذكروا إلا المنع من العقد خاصة، وأما الخطبة فلم يتعرضوا لها بمنع، ولم يمنعوا إلا من خطبة المعتدة من غيره، فقالوا: لا يجوز التعريض بخطبة الرجعية، ولا يجوز التصريح بخطبة البائن المتوفى عنها، فإن فعل بأن عرض في موضع لا يجوز فيه التعريض، أو صرح في موضع لا يجوز فيه التصريح، ولم يعقد عليها إلا انقضاء العدة، فالعقد صحيح مع الإثم. وأما خطبة المرأة في عدة أختها أو خالتها أو عمتها فلا علمت فيه منعا.

ولكن الأحسن تركه أو ترك إظهاره، لما فيه من حصول العداوة وقطيعة الرحم التي عللوا بها في عدم جواز الجمع بينهما. فإن أراد الخطبة فلتكن سرًا بحيث لا تعلم زوجته مع أن ذلك ربما لا يفيده شيئا لأنها ربما


١ البخاري: النكاح (٥١١١) , ومسلم: النكاح (١٤٠٨) , والترمذي: النكاح (١١٢٦) , والنسائي: النكاح (٣٢٩٠ ,٣٢٩٢ ,٣٢٩٣ ,٣٢٩٤ ,٣٢٩٥) , وأبو داود: النكاح (٢٠٦٥ ,٢٠٦٦) , وابن ماجه: النكاح (١٩٢٩) , وأحمد (٢/ ٢٢٩ ,٢/ ٢٥٥ ,٢/ ٣٩٤ ,٢/ ٤٠١ ,٢/ ٤٢٣ ,٢/ ٤٣٢ ,٢/ ٤٦٥ ,٢/ ٤٧٤ ,٢/ ٥١٨ ,٢/ ٥٢٩ ,٢/ ٥٣٢) , ومالك: النكاح (١١٢٩) , والدارمي: النكاح (٢١٧٩).
٢ مسلم: النكاح (١٤٠٩) , والترمذي: الحج (٨٤٠) , والنسائي: مناسك الحج (٢٨٤٢ ,٢٨٤٣) والنكاح (٣٢٧٥ ,٣٢٧٦) , وأبو داود: المناسك (١٨٤١) , وابن ماجه: النكاح (١٩٦٦) , وأحمد (١/ ٥٧ ,١/ ٦٤ ,١/ ٦٥ ,١/ ٦٨) , ومالك: الحج (٧٨٠) , والدارمي: المناسك (١٨٢٣) والنكاح (٢١٩٨).
٣ البخاري: الشهادات (٢٦٣٩) , ومسلم: النكاح (١٤٣٣) , والترمذي: النكاح (١١١٨) , والنسائي: النكاح (٣٢٨٣) والطلاق (٣٤٠٩ ,٣٤١١) , وابن ماجه: النكاح (١٩٣٢) , وأحمد (٦/ ٣٤ ,٦/ ٣٧ ,٦/ ٤٢ ,٦/ ٩٦ ,٦/ ١٩٣ ,٦/ ٢٢٦ ,٦/ ٢٢٩) , والدارمي: الطلاق (٢٢٦٧ ,٢٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>