منه أنه كاتب الدولة الكافرة الفاجرة، واستنصرها واستجلبها على ديار المسلمين فصار كما قيل:
والمستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار
فخاطبته شفاها بالإنكار والبراءة، وأغلظت له بالقول أن هذا هو هدم لأصول الإسلام، وهدم لقواعده، وفيه، وفيه، وفيه مما لا يحضرني تفصيله الآن؛ فأظهر التوبة والندم وأكثر الاستغفار، وكتبت على لسانه لوالي بغداد أن الله قد أغنى ويسر وانقاد لنا من أهل نجد والبوادي ما يحصل به المقصود -إن شاء الله-، ولا حاجة لنا بعساكر الدولة، وكلام من هذا الجنس. وأرسل الخط فيما أرى، وتبرأ مما جرى، فاشتبه علي أمره وتعارضا عندي موجب إمامته ومبيح خلعه، حتى نزل سعود بمن معه من أشرار نجد وفجارها ومنافقيها، فعثا في الأرض بسفك الدماء، وقطع الثمار وإخافة الأرامل والمحصنات، وانتهاك حرمة اليتامى والأيامى. هذا وأخوه منحصر في شعب الحائر، وقد ظهر عجزه واشتهر، وأهل البلد معهم من الخوف ومحبة المسارعة إليه ما قد عرف. فرأيت من المتعين على مثلي الأخذ على يد أهل البلاد، والنّزول إلى هذا الرجل والتوثق منه ودفع صولته، حقنا لدماء المسلمين، وصيانة لعوراتهم ونسائهم، وحماية لأموالهم وأعراضهم. وكان لم يعهد لي شيئا، ولكن الأمر إذا لم يدرك كان الرأي فيه أصوبه وأكمله وأعمه نفعا. فلما واجهت سعودا وخاطبته فيما يصلح الحال بينه وبين أخيه اشترط شروطا ثقالا على أخيه، ولم يتفق الحال، فصارت الهمة فيما يدفع الفتنة، ويجمع الكلمة، ويلم الشعث ويستدرك البقية، وخشيت من عنوة على البلدة يبقى عارها، بعد سفك دمائهم ونهب أموالها، والسفاح