للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاص في هذه المسألة رفعته إليك إن شاء الله، وذكر ابن رجب في شرح الأربعين في شرح حديث: "لو يعطى الناس بدعواهم" ١ شيئا من تعريف المدعي، فراجعه إن شئت.

وأما الفرق بين الفلاسفة الإلهيين والفلاسفة المشائين فذكر شارح رسالة ابن زيدون أن المشائين أفلاطون ومن اتبعه؛ وأنهم أول من قال بالطبائع، وتكلم فيها وأمر بالرياضة والمشي لمعاونة قوة الطبيعة، وتحليل ما يضادها من الأخلاط، وأمر بالمشي والرياضة عند المذاكرة في مسائل الطبيعة فسموا مشائين لهذا. وأما الإلهيون فهم قدماؤهم من أهل النظر والكلام في الأفلاك العلوية وحركاتها، وما يزعمونه وينتحلونه من إفاضتها وتأثيرها. وفي اللغة إطلاق الإله على المدبر والمؤثر كما يطلق على المعبود، وقد عرفت أن جمهورهم وقدماءهم ليسوا مما جاءت به الرسل في شيء، ومذهبهم أكفر المذاهب وأبطلها وأضلها عن سواء السبيل ٢. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


١ البخاري: تفسير القرآن (٤٥٥٢) , ومسلم: الأقضية (١٧١١) , والنسائي: آداب القضاة (٥٤٢٥) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣٢١) , وأحمد (١/ ٣٤٢ ,١/ ٣٥١ ,١/ ٣٦٣).
٢ إن شارح قصيدة ابن زيدون أديب قليل البضاعة في الفلسفة فهو لم يبين حقيقة هؤلاء الفلاسفة المعروفة في كتب الفلسفة وتاريخ الفلاسفة، ومن هؤلاء الفلاسفة الذين ذكرهم من يؤمنون بالبرهان العقلي بأن للعالم ربا عليما حكيما قديرا متصفا بالكمال منزها عن النقص، ويدعون إلى الفضائل، وينفرون من الرذائل بحسب ما وصل إليه علمهم واجتهادهم، ولكن توحيدهم وعلمهم بالإلهيات والآداب لا يتفق مع كل ما جاء به الرسل -عليهم الصلاة والسلام- وأنّى لهم ذلك، وهو يتوقف على الوحي ولا يستقل به العقل. وهم على مذاهب أكفرها وأبطلها وأضلها مذهب الماديين الذين ينكرون كل ما وراء المادة التي تعرف بالحواس وقواها.

<<  <  ج: ص:  >  >>