للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجميع أنواعها عما سواه -تبارك وتعالى- من كل مخلوق ومربوب، وأثبتت ذلك على وجه الكمال الواجب والمستحب لله -تعالى، فلا شريك له في فرد من أفراد العبادة؛ إذ هو الإله الحق المستحق المستقل بالربوبية والملك والعز والغنى والبقاء، وما سواه فقير مربوب، معبد خاضع، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فعبادة سواه أظلم الظلم، وأسفه السفه. والقرآن كله رد على من أشرك بالله في هذا التوحيد، مبطل لمذاهب جميع أهل الشرك والتنديد، آمر مرغب في إسلام الوجه لله والإنابة إليه، والتوكل عليه، والتبتل في عبادته، والعبادة في أصل اللغة لمطلق الذل والخضوع، ومنه طريق معبد إذا كان مذللا قد وطأته الأقدام، كما قال الشاعر:

تبارى عتاقًا ناجيات وأتبعت ... وظيفا وظيفا فوق مور معبد

واستعملها الشارع في العبادة الجامعة لكمال المحبة وكمال الذل والخضوع، وأوجب الإخلاص له فيها، كما قال -تعالى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} ١. وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب. والعبادة إذا خالطها الشرك أفسدها وأبطلها، ولا تسمى عبادة إلا مع التوحيد. انتهى.

[العبادة الشرعية]

ويدخل في العبادة الشرعية كل ما شرعه الله ورضيه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة كمحبة الله وتعظيمه وإجلاله وطاعته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، ودعائه خوفا وطمعا، وسؤاله رغبا ورهبا، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهود، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجار واليتيم، والمسكين وابن السبيل، وكذا النحر والنذر فإنهما من أجل العبادات وأفضل الطاعات، وكذا الطواف ببيته -تعالى-، وحلق


١ سورة الزمر آية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>