للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما حصل بكما من الانتفاع، فالحمد لله على ذلك، وفي الحديث: "نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، وبلّغها؛ فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" قلت: وهذا من عاجل ثواب الله لأهل العلم.

[الحث على تبليغ الدعوة الإسلامية إلى الناس]

وفي الحديث المبلغين ١ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهم يعطون نضرة في وجوههم يمتازون بها عن سائر الخلق، وفي صحيح البخاري: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"٢ ٣. وتعليمه يتناول تعليم معانيه، وما دل عليه من الأصول الإيمانية والقواعد الشرعية، فإن المعنى هو المقصود، وفي الحديث: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا" ٤. والأحاديث في المعنى كثيرة.

وللحديث الأول بقية قد سألني سهل عنها، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"٥ ذكر العلامة ابن القيم وغيره: أن المعنى لا يحمل الغل ويبقى فيه مع وجود هذه الثلاث، فإنها تنفي الغل والغش وهو فساد القلب وسخائمه، فالمخلص لله إخلاصه يمنع وجود الغل في قلبه، ويخرجه ويزيله؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه فلم يبق فيه موضع للغل.

[إخلاص العمل لله]

وقد أشار -تعالى- إلى هذا المعنى بقوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} ٦، فلما أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء، ولما علم إبليس هذا المعنى استثناهم في قوله: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} ٧. فالإخلاص


١ كذا ولا بد أن يكون قد سقط هنا كلمة مضافة إلى المبلغين فلعل الأصل: وفي الحديث: فضل المبلغين عن الله إلخ.
٢ البخاري: فضائل القرآن (٥٠٢٧) , والترمذي: فضائل القرآن (٢٩٠٧ ,٢٩٠٨) , وأبو داود: الصلاة (١٤٥٢) , وابن ماجه: المقدمة (٢١١) , وأحمد (١/ ٥٧ ,١/ ٥٨ ,١/ ٦٩) , والدارمي: فضائل القرآن (٣٣٣٨).
٣ هو حديث مرفوع رواه أحمد، وأكثر أصحاب السنن أيضا.
٤ مسلم: العلم (٢٦٧٤) , والترمذي: العلم (٢٦٧٤) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٩) , وأحمد (٢/ ٣٩٧) , والدارمي: المقدمة (٥١٣).
٥ الترمذي: العلم (٢٦٥٨).
٦ سورة يوسف آية: ٢٤.
٧ سورة الحجر آية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>