للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمكر، والأرض تميد بالخوف، فلا ننتظر عند الصباح مساء، ولا عند المساء صباحا. وأنت لا تدري سوى ما أنت عليه من غايتك التي إليها غدي بك، وعندها حط رحلك، بل ونحن في كل يوم وكل ساعة ١ تغدو علينا الأراجيف وتروح، وتظهر أنياب النفاق فيما بيننا وتلوح، وعندنا من يقود المشركين، ويأزهم أزا إلى عباد الله الموحدين، من لا تدري خبره، ولم تعرف نبأه، وسوء طويته بالإسلام وأهله، ونحن ندافعهم عن الإسلام بالمال والآل، والعم والخال، والنشب والسبد واللبد ٢، بطيب نفس، وقرة عين، ورحب أعطان، وثبات عزائم، وطلاقة أوجه، وذلاقة لسان، هذا إلى خفيات أسرار، ومكنونات أخبار، أنت عنها غافل، وعن الخوض في غمارها والدفع في صدرها معرض متجاهل. والآن قد بلغ فيك الأمر ٣، ونهض لك الخبر، وجعل مرادك بين يديك، وعقلك بين عينيك، عن علم أقول ما تسمع، فاستقبل زمانك، وقلص أردانك، ودع التحبس والتعبس مع من لا يهرع لك إذا خطا،


١ قوله: بل نحن في كل يوموكل ساعة -إلى قوله: بالإسلام وأهله- من كلام الشيخوهو في رصانة الأصل ومتانته، وأسلوبه وصناعته.
٢ قوله: ونحن ندافعهم عن الإسلام بالمال والآل، والعم والخال أصله: "فادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالأب والأم، والخال والعم، والنشب والسبد واللبد، زاد بعده: "والهلة والبلة" وما بعده سواء.
٣ قوله: والآن قد بلغ فيك الأمر ... إلى قوله: إذا أعطى ... فيه شيء من التحريف أو التصرف في الأصل. فالرواية: والآن قد بلغ الله بك، وأرض الخير لك، وجعل مرادك بين يديك، وعن علم أقول ما تسمع، فارتقب زمانك، وقلص إليه أردانك، ودع التجسس والتعسس، لمن لا يظلع إليك إذا خطا، ولا يتزحزح عنك إذا عطا اهـ. وتأريض الخير له تهيئته والتأريض أيضا الإصلاح والتشذيب. وقوله: يظلع معناه يمشي وهو يغمز برجله والظلع دون العرج، وقوله: "عطا" لعل صوابها أعطى، وهما ضدان فعطا بمعنى أخذ وتناول، وأعطى بمعنى ناول غيره وحباه.

<<  <  ج: ص:  >  >>