وأمثاله من المعتقدين المعبودين، فقد جاوزوا بهم ما ادعته الجاهلية لآلهتهم، وجمهورهم يرى له من تدبير الربوبية، والتصرف في الكون بالمشيئة والقدرة العامة، ما لم ينقل عن أحد مثله بعد الفراعنة والنماردة. وبعضهم يقول: يتصرف في الكون سبعة، وبعضهم يقول: أربعة، وبعضهم يقول: قطب يرجعون إليه، وكثير منهم يرى أن الأمر شورى بين عدد ينتسبون إليه، فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} ١.
وقد استباحوا عند تلك المشاهد، من المنكرات والفواحش والمفاسد، ما لا يمكن حصره، ولا يستطاع وصفه، واعتمدوا في ذلك من الحكايات والخرافات والجهالات، ما لا يصدر عمن له أدنى مسكة أو حظ من المعقولات، فضلا عن النصوص الشرعيات.
كذلك ما يفعل في بلدان اليمن، جار على تلك الطريق والسنن: ففي صنعاء وبرع والمخا وغيرها من تلك البلاد، ما يتنزه العاقل عن ذكره ووصفه، ولا يمكن الوقوف على غايته وكشفه، ناهيك بقوم استخفهم الشيطان، وعدلوا عن عبادة الرحمن إلى عبادة القبور والشياطين، فسبحان من لا يعجل بالعقوبة على الجرائم، ولا يهمل الحقوق والمظالم،
وفي حضرموت والشحر وعدن ويافع، ما تستك عن ذكره المسامع، يقول قائلهم: شيء لله يا عيدروس، شيء لله يا محيي النفوس. وفي أرض نجران، من تلاعب الشياطين، وخلع ربقة الإيمان ما لا يخفى على أهل العلم بهذا الشأن، كذلك رئيسهم المسمى بالسيد، لقد أتوا من تعظيمه وطاعته وتقديسه وتصديره والغلو فيه، بما أفضى بهم إلى مفارقة الملة والإسلام، والانحياز إلى عبادة الأوثان