اليتيمة فلقد أبدى بذلك ما خفي من جهله، ورب كلمة تقول دعني. وكلامهم في الهبة ولزومها كلام غير محقق، والناس مختلفون في الهبة ولزومها هل هو بالعقد فقط أو لا بد من القبض؟ وعن بعضهم ما يقتضي التفرقة بين المكيل والموزون وغيرهما. واختلف الناس أيضا هل تبطل بالموت قبل القبض أو لا. واختلف القائلون باشتراط القبض هل يشترط فيما وهبه لزوجته أو لا يشترط؟ وأدلة هذه الأقوال ومآخذها والرد على المخالف مبسوط في المطولات ولا غرض لنا في ذكره، وإنما قصدنا أن حكم هذا الصحاف على أحد الأقوال بالصحة مع قصوره عن معرفتها، ومعرفة أدلتها والتزامه التقليد - حكم باطل لا يجوز، وما للأعمى ونقد الدراهم؟ وحكمه على الذي أفتى بخلاف قوله بأنه ضال عن سبيل الرشاد، حكم باطل أوجبه ما بينهما من التنافس والعناد، ومثل هذه المسائل الاجتهادية لا يجوز لأحد أن ينكر فيها على خصمه بمجرد التقليد وحكاية فروع المذهب، بل لا بد من الدليل على ذلك من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح. ومن كلام شيخ الإسلام: من ترك الدليل، ضل السبيل.
[عدم جواز التقليد في الأحكام إلا بدليل]
وجميع ما ذكره إنما هو مجرد نقل لأقوال بعض المالكية كالشيخ خليل وعبد الباقي وابن عرفة وأمثالهم، وتقليد هؤلاء إنما يسوغ عند الضرورة، والمقلد لهم أو لغيرهم ليس من أهل العلم بالإجماع كما حكاه ابن عبد البر إمام المالكية عمن يحفظ قوله من أهل العلم، فكيف والحال هذه يحكم هذا الجاهل الذي ليس هو من أهل العلم عند أئمة مذهبه وغيرهم بصحة جوابه وفساد قول خصمه وضلاله؟ وهل يعلم هذا إلا بالنص من كلام الله أو كلام رسوله أو إجماع الأمة؟ فما للمقلد والحكم