فيقال في جوابه: هذا الجاهل يظن أن من أشرك بالله واتخذ معه الأنداد والآلهة ودعاهم مع الله لتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، يحكم عليه والحال هذه بأنه من المسلمين، لأنه يتلفظ بالشهادتين، ومناقضتهما لا تضره، ولا توجب عنده كفره؛ فمن كفره فهو من الغلاة الذين أسقطوا حرمة (لا إله إلا الله)؛ وهذا القول مخالف لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم كفر إجماعا. انتهى ١. ومجرد التلفظ من غير التزام لما دلت عليه كلمة الشهادة لا يجدي شيئا، والمنافقون يقولونها وهم في الدرك الأسفل من النار. نعم، إذا قالها المشرك ولم يتبين منه ما يخالفها فهو ممن يكف عنه بمجرد القول ويحكم بإسلامه، وأما إذا تبين منه وتكرر عدم التزام ما دلت عليه من الإيمان بالله وتوحيده والكفر بما يعبد من دونه، فهذا لا يحكم له بالإسلام ولا كرامة له؛ ونصوص
١ تنبيه: أن شيخ الإسلام أحمد تقي الدين بن تيمية كان أكبر وأعلم دعاة التوحيد والإصلاح الديني في القرون الوسطى بعد فشو الجهل وانتشار الشرك في العبادة، وهو قد بلغ درجة الاجتهاد المطلق، ولكن المقلدين انتقدوا عليه بعض المسائل والاختيارات ولكن لم ينتقد عليه أحد ما كتبه في هذه المسألة ولم ينازعه أحد في أنها إجماعية. وكان أعظم المجددين لدعوة التوحيد الخالص عقب موته تلميذه المحقق ابن القيم، وقد شرح ذلك في عدة من مصنفاته ولم ينتقد عليه أحد. ثم جاء الشيخ محمد عبد الوهاب المجدد في القرن الثاني عشر فاقتفى أثر الشيخين ولم يخرج عما قرراه في كتبهما في هذا الركن الأعظم للإسلام، وتلاه في ذلك أولاده وأحفاده ومن اهتدى بدعوته من علماء نجد. وإنما أنكر هذا الصحاف وغيره عليهم لأن غربة الإسلام والجهل به قد وصلا إلى أسفل الدركات، ولم يكونا كذلك في عهد الشيخين وما بعد عدة قرون. وكتبه محمد رشيد رضا.