من الطعن فيهم، ليعلم الناس كافة أي الفريقين كان المعتدي وأيهما السابق للطعن في دين الآخر، ويعلمون مع ذلك أيهما المعتصم بكتاب الله، والمستمسك بعروة سنة رسوله والوثقى.
حال بلاد نجد في عهد كتابة هذه الرسائل المؤثرة في نفس الكاتب لها:
إن معنى السنة الذي كان يقصده السلف الصالح ويفهمونه من قوله صلى الله عليه وسلم:((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)) هو السيرة العملية التي كان عليها الرسول -بأبي هو وأمي- ثم كان عليها خلفاؤه الراشدون من بعده (رضي الله عنهم) وهذا المعنى هو الذي أراده الخليفة الرابع بقوله لعبد الله بن عباس (رضي الله عنهم) حين أرسله إلى محاجة الخوارج: احملهم على السنة فإن القرآن ذو وجوه. وكما أن القرآن ذو وجوه باحتمال ألفاظه للتأويلات المختلفة فالأحاديث النبوية القولية كذلك، دون السنن العملية.
ولا نعرف في تاريخ الإسلام شعبًا دخل في جميع الأطوار التي دخل فيها الإسلام في نشأته الأولى غربة وجهادًا وهجرة وحجاجًا غير هذا الشعب النجدي، فقد ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في وقت كان حال أهله شرًّا من حال المشركين وأهل الكتاب في زمن البعثة، من شرك وخرافات، وبدع وضلالات، وجهالة غالبة، فدعا إلى عبادة الله وحده والرجوع إلى أصل الإسلام الذي كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه (رضي الله عنهم) فعاداه في بلاده الأكثرون، ووالاه فيها الأقلون، فنصر الله تعالى أولياءه من أمراء آل سعود وأتباعهم على أعدائهم، ثم تصدى لعداوتهم الترك وأعوانهم، فكانت الحرب سجالًا بينهم، وعاقب الله السعوديين زمنًا ما بما كان من تخاذل بينهم، وتقصير في إقامة بعض سنن الله في دولتهم، ثم كانت العاقبة الحسنى لهم، عندما